من المختارات لكم (29): إبراهيم الفارس وأسطورة الجامية

إبراهيم الفارس وأسطورة الجامية
ليسمح لي المتابعون الكرام أن أقف معهم عدة وقفات مع الشيخ إبراهيم الفارس وتحامله الشديد على من سماهم الجامية! وهذا الموضوع من المواضيع الشائكة التي إذا سمع فيها ذكر الجامية استثار حفيظة خلق كثير أوتوا علوما وما أوتوا فهوما وأتوا ذكاء وما أوتوا زكاء وحملهم الانتصار لشخص أو حزب أو هوى على الافتراء على خلق الله وأخذهم بغير وزرهم والتشهير بهم بغير حق.
وقبل البدء في مناقشته لي ثلاث مطالب:
الأول: منه هو بنفسه بتذكيره ونفسي بتقوى الله فيما نقول واستحضار الحساب في يوم لا تنفع فيه أهل الظلم معذرتهم.فأعيذه بالله تعالى أن يؤاخذ قبيلة بخطيئة فرد! فكيف (ولا قبيلة) و(لا حزب) أصلا؟! كما أذكره بأن الدعاوى لا تغني عن وقائع الحقائق شيئاً.
فاتباع السلف والسنة ومقارعة الرافضة والليبراليين ليست قضية شخصية! بل هي دينية تحمل المسلم على سلوك هذه الجادة مع كل مبتدع.
فالسنة سفينة من ركبها نجا بشرط الركوب! ومن انتسب إليها نبُل وشرُف بشرط الموافقة وحسن الاتباع لها ولأهلها وهم أهل السنة والسلف الصالح.
أما المطلب الثاني: فالفِرق لا تستحدث بالتشفي ولا بالتشهي ولا بالتخمين والافتراء وإنما تكون بإعلان الطائفة الفرقة كاعتزال المعتزلة ورفض الروافض وخروج الخوارج
أو بشطح رجل ثم التفاف حزب من حوله يحملون أصوله وضلالاته ويقلدونه فيها ويناصرون بدعته كالجهمية والكلابية والماتريدية و و.
ومن صور التحزب الثابت اليوم التنظيمات الدينية وأشهر الموجود اليوم دعوتي (الإخوان المسلمين) و(التبليغ) وهما فرقتان خرجتا بأصول.
وهذه الأصول يعتمدها كل من اندرج في سلك الفرقة أو عاهد بما يسمى البيعة المعلنة والسرية! ولهما دورٌ وشعارات ومعاقل معتبرة رسمية!
فهذه الفرق المذكورة لا يدفع وجودها منصفٌ وكل من تبعها ورضي (بأصولها) وسار عليها فهو منها ويوصف الفرد بوصف الجميع إلا ما شذ به بعض الأفراد بما لا تقرره أصول الطائفة فينسب إليه لا إلى الجميع فيقال: وهذا قال به من المعتزلة فلان وقال به من الشيعة فلان، ولا ينسب إلى كافة الفرقة ومن انتسب إليها ولو كانت ضالة وهذا باب العدل والإنصاف وسلكه الأئمة المناظرون كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
المطلب الثالث: التفريق بين المتماثلات من المُثلات! وحجب الحقائق من البوائق! فلا يجوز أن يعاب شخصٌ بشيء وهو ليس بعيب ولا أن يعاب شخصٌ بمقالة ثم يمدح بها غيره أو يفرد ذاك بذمها ويغض الطرف عن آخر وقد قالها باللفظ والقصد!
وهذا له أمثلة كثيرة في الساحة! وبها تنقض كثيرٌ من التهم! ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ولعل في الآتي مزيد:
[١] الاستعانة بالكفار ذُمّ به أناس ثم غُضّ الطرف عن آخرين!
[٢] الصلح مع اليهود ذُمّ به أناس ثم غُضّ الطرف عن آخرين!
[٣] تقريب الرافضة ذُمّ به أناس ثم غُضّ الطرف عن آخرين!
[٤] الاستهزاء بالدين ذُمّ به أناس ثم غُضّ الطرف عن آخرين!
[٥] الطعن في الصحابة ذُمّ به أناس ثم غُضّ الطرف عن آخرين!
[٦] عدم تحكيم الشريعة ذُمّ به أناس ثم غُضّ الطرف عن آخرين!
وضرب المثال في المجال يطول! وصاحب السنة ينكر المنكر ويأمر المعروف في كل وجه ويراعي المصالح ويعتبر المقاصد ولا يظلم.
إذا استحضر الفارس والمتابع هذه المقدمة فأقول:
الشيخ محمد أمان علي الجامي رحمه الله نُسبت إليه طائفة باسمه! فالمطلوب من إبراهيم الفارس أمران:
أولهما: نخل كتب الشيخ وأشرطته والإتيان بقولٍ أو مقالات تخالف أصل اعتقاد أهل السنة
أما الإثبات فلن يجد ولا يبقى إلا الافتراء، والله تعالى حذر أشد التحذير من الافتراء على المسلم عموما فكيف بعالمٍ شهد العلماء بفضله وولايته؟ فأذيته أخطر وأخطر بصريح السنة كحديث الولي.
فليشهد المتابعون أنني أتحدى إبراهيم الفارس ومن جاء معه أن يأتوا من كلام الشيخ ما يخالف عقيدة وأصلاً أو يخرق إجماعا.
ولا يأتي بقول غيره فهو المعني وإليه وقعت النسبة المفتراة على (الجامية) فإما أن يثبت ضلال هذا الرجل لتصح نسبة كل من تبعه إليه.
وإما أن تنتقل النسبة إلى غيره كالشيخ ربيع المدخلي أو فلان أو علان لنبدأ في البحث في الآخرين مع غلبة الظن أن من ابتكر هذه الأسطورة لن يغيرها! لأنها صدرت بلسان  حزبي من جهات عليا!! يعسر على التبع والمبايع مخالفتها ولكن الرجاء في هداية الله لهم كبير.
ثم يلحق بهذا الأمر الأول طلب المقارنة بين قوله وأصوله أعني شيخنا الجامي بقول أكابر العلماء المعاصرين حينما يحمدهم هؤلاء علانية!
ويذمون الجامي! وهو من نسيجهم وشاكلتهم كشيخنا ابن باز وابن عثيمين والألباني والفوزان و و و غيرهم من الأئمة الأعلام.
فلن يستطيع إبراهيم الفارس التفريق بينهم في أصول المعتقد! فما الذي أحل عرض هذا الرجل وحرّم أعراض أولئك الرجال؟ أهو الهوى؟!
الأمر الثاني: هب أنه ضل وخالف في أصل أو أصول فهل يجوز لك أن تنسب إليه من لا يوافقه على ذلك الأصل أو الأصول التي أخطأ فيها؟
فهذا من جنس الظلم الذي حرمه الله تعالى على عباده ومؤاخذة المسلم البريء بغير ذنبه وجريرته والعياذ بالله.
وقبل ختام الكلام أستبق المداخلات بأمرين هما محل شغب الكثير ممن اختلق (الجامية) وجعلهما أصل التصنيف وموجب الذم:
الأمر الأول: الطعن في العلماء والدعاة! هكذا يقولون وهذا منقوض بناقضين:
الناقض الأول: إن كان خطأً فقد قابلوه بالخطأ!! فهم شيوخ وطلاب وعامة طعنوا في الجامي! والمدخلي! وغيرهم ومنهم علماء أجلاء بل ومسلمون غافلون أعراضهم حرام بتحريم الله لها.
بل كيف بمن طعن في كبار العلماء وابن باز وأنهم عملاء وعلماء سلطان وليسوا مرجعية دينية وعلماء حيض ونفاس و و و
بل كيف بمن كفرهم! وحكم عليهم بالردة وهذا موجود في كلام قادات وأفراد تنظيم القاعدة فأين الغيرة للعلماء صدقاً وعدلا؟!
الناقض الثاني: أن أصل الرد على المخالف مشروع وهو من الجهاد بالكلمة بشرط العدل فكان المفترض أن يشكروا لا أن يشتموا ويذموا، فهو من حقهم وكمال نصرتهم بحجزهم عن الشر وتنبيههم على الخطأ وهي جادة سلكها أئمة العلماء بعلم وعدل ، ونعم: دفاعي عن أهل العدل ومحبة النصح للمسلمين آما الجاهل والمتشفي والمتشهي والمتهور فوزره على نفسه وينكر عليه بنفسه ولا يحمّل غيره ذنبه.
أما الأمر الثاني: فهو طاعة الولاة! والناس في هذا طرفان ووسط! وكلا طرفي المسألة ذميم والحق أحق أن يتبع وعامة كلام من يذمون هو بعينه كلام كبار العلماء كابن باز وابن عثيمين والألباني والفوزان فلماذا لم يعيّر هؤلاء (علانية!!!) كما صنعوا بالشيخ الجامي وغيره.
فلن يستطيع الشيخ الفارس في مسألة حقوق ولاة الأمر وطاعتهم أن يأتي بفرق واحدً بين قول شيخنا الجامي وشيخنا ابن باز وهو أكبر منه؟ فلماذا لم ينسبوهم إلى ابن باز ويقولوا (البازية)؟!!!
وختاماً:
ليتقَ الله الشيخ الفارس وكلّ من شاكله ومن جذبه الانتصار للهوى فذم الشيخ الجامي أو نسب إليه طائفة وهو لم ينسب إليه أحد غير أبناء صلبه! والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
ليلة الحادي عشر من رمضان ١٤٣٣
مدينة كوتابهارو- ولاية كلانتان- ماليزيا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني