من المختارات لكم (53) : الرد على حمزة سالم: الطعن في السلفية طعن في الإسلام

الدعوة السلفية تحت عناية الله لا تحت عناية البشر (دولة وأفرادا)
رد على حمزة السالم ومقاله في صحيفة الجزيرة
الطعن في الدعوة السلفية النجدية طعن في الإسلام
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلسنا في زمن سلاطة اللسان، وتطاول الأقزام بحاجة إلى (دغدغة المشاعر) و(ملاطفة الحمقى) و(استعطاف السفهاء) بل يجب وصف السفيه بسفاهته! كما وصفهم الله تعالى في قوله: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13] وقال: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] فما تطاولت أطماع السفهاء اليوم من أهل البدع والزندقة على الدين وأهله إلا عندما تكلم هؤلاء بلسان السعة والفسحة والتعالي والكبرياء! وتكلم أهل الخير من طرفٍ خفيٍ بلسان الخور والضعف وادِّعاء حسن الكلام والحكمة والموعظة الحسنة!
فالحكمة والموعظة الحسنة والقول الحسن مع من يستحق ذلك كلّه ممن جاء مسترشداً مستنجداً يطلب الحق، ويفر من الباطل!
أما من جاء بتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وتحريف الغالين والاستهزاء بالدين، فهذا والله ليس له إلا غلظة الجناب واللسان، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة: 73] ويقول تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } [النساء: 63] ووصف جنسهم بالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، وبالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، وبالحمار يحمل أسفاراً {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5].
واليوم! نرى سخافة الصحافة تتعاقب، وأقزام الإعلام يتطاولون! ونرى ونسمع منهم بين حينٍ وآخر صنوفاً من الضلال والزندقة والاستهزاء بالدين، والطعن في أئمة المسلمين، والتلاعب بأصول الشريعة ما يوجب القيام لله تعالى نصرة وغيرة لدينه عز وجل، والجهاد في سبيل الله بقوة الحجة والبيان والسلطان، بل بقوة السيف وإقامة حد الله تعالى في المرتدين والزنادقة بيد سلطان المسلمين، فهذه ثمرة دولة الإسلام صدقاً وعدلاً كما قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما دخل النقص على  بني إسرائيل: أنه كان الرجل يلقى الرجل، فيقول له: يا هذا اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك، ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [المائدة: 78 - 80]- إلى قوله - {فَاسقون} [المائدة: 81] ثم قال: كلا والله، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو لتقصرنه على الحق قصرا» .
ومن فساد الزمان، واستشراء الخلل في صفوف المسلمين اليوم: انتشار التطاول على الدعوة السلفية المباركة، التي هي صورة الإسلام الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك التطاول على دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى الذي جدد معالم الشريعة، وأقام حصونها المنيعة، ودعا إلى التوحيد والسنة، وحذر من الشرك والبدع، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وأقام الحدود، وقمع كلّ معتدٍ باغٍ لدود، وعلى دعوته قامت هذه البلاد، بل أ  ضاءت بها سائر البقاع من كلّ جهة تُراد، فدعوته ليست (نظاماً وطنياً) ولا (شعاراً سلطانيا) حتى تموت بضعف دولة أو ذهابها، أو تفريط سلطان أو تقصيره، لأنها مجدِّدة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم التي جاءت بالحق، والحق يعلو ولا يعلى عليه، ولهذا فقد انتشرت في مشارق الأرض ومغاربها تحت وطأة الحكومات الظالمة، والدعوات المناوئة للدعوة السلفية المباركة.
إذا تقرر هذا فمن سخافة رَحِمِ الصحافة ما تكلم به الكاتب (حمزة السالم) في صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم الخميس الماضي الموافق (السادس من شهر ذي القعدة 1434هـ) (http://t.co/oWMmTNZGAc) في مقالٍ تحت عنوان (السلفية على فراش الموت) ومن قرأ المقال جزم بأن كاتبه يهرف بما لا يعرف، ويصف الواقع بالأكاذيب والبواقع! وهذا شأن (العائرة بين الفريقين!) يريد استرضاء حكمٍ ونظام من جانب، ويريد فصله عن هويته وأساسه حكمه من جانبٍ آخر، فلا لنظام الدولة نصر، ولا لأساس حكمها ودينها أنصف! وكأن لسان حاله ببساطة يقول: (يا بلادي اخلعي لباس الإسلام! وعيشي بلباس الحضارة الجديدة) ولإيصال هذه الرسالة المختصرة تخبط الكاتب تخبط العشواء، فحاس وداس، وخطل وهطل، ومهما تكلم به في مقاله من ثناء فهو (مكرٌ وزيف) يسد به أفواه السذّج والبسطاء، وإلا فقد نال الدعوة السلفية منه أقبح وأبشع ألفاظ السب والشتم والاستهزاء، فيقول عن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب:
[1]: (فقد وصلت إلى مرحلة متأخرة من شدة المرض، فهي أشبه ما تكون في العناية المركزة دون علاج حتى يأتيها أمر ربها).
[2] ويزعم أنها في (سجن الاتهام) أمام (الجماهير المسلمة) فكأنها شاذة عن كل المسلمين!!!
[3] ووصفها بأنها (دعوة متجمدة!) أي لا تصلح للزمان التالي، وهذا من أقبح وأفسد سوء الظن بالله تعالى ودينه كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
[4] ويزعم أن أبناء الدعوة السلفية ظلموها بعدم التجديد والرعاية والصيانة!
[5] وأن أصلها وفروعها متآكل وأنها آيلة إلى السقوط!
[6] ويقول: (لم تَعُد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب اليوم إلا عبئاً على الدولة السعودية، بعد أن كانت مصدراً من مصادر قوّتها وعزّها).
[7] ويقول: (فالدعوة قد تخلّفت تخلُّفاً شديداً عن جميع مظاهر التطوُّر الإنساني الهائل الذي حدث في العقود الماضية) ولا يتخلف عن التطور الإنساني إلا الهائم والبهائم!
[8] ويزعم أن المشاكل الداخلية عامة (لا تُحل إلاّ بالتخلّي عن الروح، وهي الدعوة النجدية).
[9] ويزعم أن إبعاد الدعوة السلفية (هي مطالب كثير من السعوديين السلفيين فضلاً عن غيرهم) وكذب.
[10] ويستشرف قارئ فنجال السخافة بأن الدولة سوف تزول! بعد ذلك فيقول: (ولكن أنى لجسد أن يعيش طويلاً بعد تخلّيه روحه).
[11] ويصفها بالتخلف عن دعم الدولة السعودية فيقول: (تخلُّف الدعوة السلفية عن مواكبة الدولة السعودية للحياة المعاصرة).
[12] ويعود ويرى أن الدعوة السلفية النجدية سبب في التخلف (عن مواكبة التطوّرات الإنسانية الأخيرة، نظراً لتأخر فكر المدرسة السلفية الجامدة التي هي أساس البنية التحتية للقضاء والمشرّعين).
هذا كله من كلام هذا الجاهل السخيف! وقد طار بمقاله الكثير من أهل البدع والأهواء مما يؤكد أن بلادنا والدعوة السلفية تجابه حركة منظمةً متفقة بين (الزنادقة وأهل البدع بكافة توجهاتهم!) بدعمٍ خارجي لا يسره بقاء دين الله تعالى، ولا الدولة التي حملت لواء الإسلام والدفاع عنه في هذا الزمان.
ولي مع مقاله وقفات مختصرات فأقول:
الوقفة الأولى: أن الدعوة السلفية النجدية لا تعبر عن (دين إقليم) ولا عن (مذهب حاكم) و(توجه طائفةٍ من الناس) وإنما هي: دعوة تجديدية للملة المحمدية، وللشريعة الإسلامية، بصورتها الصحيحة النقية التي جاءت في القرآن الكريم، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، على مذهب السلف الصالح، من الصحابة والتابعين وأئمة الدين.
وهذا يدعو إلى معرفة أمرين مهمين:
الأمر الأول: أن الطعن فيها طعن في الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فكلّ ما يعيب به هذا الأحمق وجنسه الدعوة السلفية النجدية من صور التخلف المتوهم إنما هو عيب وذم لدين النبي صلى الله عليه وسلم، والتطبيق يكشف كلّ منافق زنديق، فاطلبوا من هذا الأنوك أن يذكر صورة واحدة من صور التخلف في (روح السلفية النجدية) والذي قصر بها عن مواكبة التطور الإنساني المزعوم! وحينها ستعرفون أن الطعن لا يخص تلك الدعوة وإنما هو طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه، وإنما جعلت الدعوة السلفية النجدية ستاراً لهم يتظاهرون بذمه والطعن فيه، فتنبهوا.
والأمر الثاني: أن الله تعالى بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليبقى دينه ما بقي الليل والنهار، ودامت الأرض والسماء، وبه صلاح البلاد والعباد، فمن زعم أن دين النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلح لمواكبة التطور الإنساني، ولا لمجاراة الانفجار الحضاري، فهو زنديق كافر ملحد، سيئ الظن بالله ودينه، فالخلق كلهم لله تعالى أذلة خاضعين، مأمورين بالانقياد لأمره في كلّ جوانب الحياة، وما من خير في الوجود إلا والإسلام ينادي به، وما من شرٍّ إلا وسبق ديننا إلى التحذير منه، فكمال الإسلام وشموليته لكافة نواحي الحياة واضح جلي لا ينكره إلا جاهل غير معذور أو ملحد معثور، فإذا كانت دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب، والدعوة السلفية النجدية وغيرها هي الصورة الواضحة الصحيحة للإسلام اليوم، فهي الصالحة للبقاء والدوام، وكلّ ما يستجد من أمور الإنسانية والحضارة يجب (أن يطوّع لله) بـ(دين الله تعالى) فما وافق الشرع قَبِله المسلمون، وما يخالف شرع الله فلا خير فيه ويجب ردّه وعدم الاغترار به ولو توافد عليه جنود إبليس وأتباعه.
الوقفة الثانية: أن هذه الدولة المباركة من أول قيامها إلى اليوم، وهي قائمة على الدعوة السلفية المباركة، ومناصرة لها، ومعترفةً بفضلها، ولا يزال اعتراف الحكّام والنظام بها وبفضلها قائم إلى اليوم، وقد جمعت الوثائق والدلائل على ذلك في مؤتمرٍ أقيم في جامعة الإمام محمد بن سعود رحمه الله تعالى تحت شعار (السلفية منهج شرعي ومطلب وطني).
[http://www.imamu.edu.sa/EVENTS/ALSALAFYAH/Pages/default.aspx]
وقد شاركت فيه بورقة عمل تحت عنوان (الدولة السعودية والمنهج السلفي) وذكرت منصوص كلام حكام هذه البلاد من أولهم إلى آخرهم على (تعظيم منهج السلف) و(الثناء على دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب) وأن هذه الدولة لن تتخلى عنها ما شاء الله وأراد.
الوقفة الثالثة: يزعم الكاتب المثبور أن الدعوة السلفية النجدية في العناية المركزة! وأنها تشارف على الموت! فأقول هو باطل بمرادك! وحق بمقاصد المسلمين! فهي والله في عناية الله تعالى لأن الله تعالى تكفل بحفظ الدين، ونصرة الموحدين، فقال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18] وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51] فالنصر للمؤمنين في (كلّ) الحياة الدنيا وفي الآخرة فأبشر بطول همّك وغمّك وسوء عينك! فهي محفوفة بعناية الله تعالى، عالية في كلّ حين بالحجة والبيان، وأحايين بالقوة والسلطان، وإن عجزت هذه الدولة عن حملها فلن يضمحل دين الله تعالى، وسوف تجد من يحملها، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [المائدة: 54] وقال تعالى: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89] وقال تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد: 38] فقد مضى زمنٌ حوربت الدعوة السلفية النجدية في (موطن نشأتها) وحينذاك تعيش أوج ازدهارها في (الديار الهندية) و(السواحل المغربية!) و(العراق والشام واليمن ومصر) فماذا كان؟
فالدين دين الله تعالى لا تحجزه الحدود، ولا تمتلكه الحكومات والدول، ومن نصر الله نصره الله، وهذه البلاد ولله الحمد والمنة كانت ولا تزال في حفظ الله ورعايته بدين الله تعالى وهذه الدعوة السلفية النجدية المباركة، وكلما ضعفت أركانها، وتهاوى بنيانها، عادت إلى تلك الدعوة الصادقة فعاد الله بها إلى العزة والمكنة لأن الله تعالى أوجب على نفسه نصرة من ينصره فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
الوقفة الرابعة: قول الكاتب المأفون: (بل إنّ الدعوة أيضاً وُضعت في سجن الاتهام، والجماهير المسلمة، فضلاً عن الإعلام الغربي - الذي ينسب حركات التطرّف إليها - تزداد يوماً بعد يوم مطالبة بالمحاكمة والعقوبة) وزعمه بأن (الجماهير المسلمة) تخالف الدعوة الإسلامية يكشف طوية النية، وأنه منساق وراء مزاعم المناوئين لدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى، وأنها مخالفة للجماهير الإسلامية، وهذه مطية الكثير من المخالفين لها، ودعواهم مخالفة الجماهير المسلمة، ولهذا جوابان:
أولهما: أن الجمهرة لا يعارض بها الحق، فالعبرة بموافقة الحق ولو كان مع القلة.
والثاني: أن الجمهرة المناوئة تعارضها جمهرة أهل الحق، وهم ليسوا بقليل، ومن جال العالم والتقى بالمسلمين يجد العديد والعديد من أنصار التوحيد والسنة، المعترفين بفضل الدعوة السلفية النجدية، وجهودها في تعليم الناس الخير والقيام بدين الله تعالى.
الوقفة الخامسة والأخيرة: قال الكاتب: (لنواجه الواقع لكي لا تفجأنا الحقيقة المؤلمة. لم تَعُد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب اليوم إلا عبئاً على الدولة السعودية، بعد أن كانت مصدراً من مصادر قوّتها وعزّها. فالدعوة قد تخلّفت تخلُّفاً شديداً عن جميع مظاهر التطوُّر الإنساني الهائل الذي حدث في العقود الماضية، بينما واكبت الدولة السعودية الحضارة الحديثة).
وهذا الكلام من أقبح ما في المقال، ومن سوء الظن بالله ودينه، ومن التكهن ولا يفلح (الكاهن) حيث أتى! فحقيقة المستقبل أمرها إلى الله تعالى فـ{اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].
والدعوة السلفية ليست عبئاً على نظام الحكم وسياسته وجميع نواحي الحياة، بل فيها صلاح البلاد والعباد والراعي والرعية، وإذا أرادت هذه البلاد البقاء على (زعامة العالم الإسلامي) والهيبة في قلوب أعدائها فلا منجاة لها ولا حلّ إلا بالعودة إلى التمسك بالكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح، كما قررته الدعوة السلفية النجدية، فهي ليست عبئاً بل (حلاً ومنجاة) للدولة السعودية، وما حل في نواحيها من (انحراف الأخلاق والأفكار) إلا عندما قصر بعض أبناء البلاد نشر هذه الدعوة المباركة، والأخذ من حيث أخذوا، حتى نتج لنا مثل هؤلاء الكتّاب من كلِّ فوسيق حلّيق يعتلي المنابر الإعلامية ويتكلم بلا حسيب ولا رقيب!
يقول الله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21] وقال تعالى لموسى وهارون: {بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} [القصص: 35] وقال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173].
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ» رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تركتُ فيكُمْ أمْرَين لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسْكتُم بِهمَا: كتابَ اللهِ، وسُنَّة رَسُولِهِ» رواه مالك في "الموطا"
فيا حمزة:
هذا كلامٌ ليس بالأحاجي والأغاليط! هذا كلامُ من لا ينطق عن الهوى وفيه سَقَمُ عينِ كلّ ليبرالي وفاجر، بأننا لن نضل (أبداً) متى تمسكنا بالكتاب والسنة، وأن هذا الدين عزيز منيع سيبلغ ما بلغ الليل والنهار مهما كان (التطور الإنساني) و(الانفجار الحضاري) فدين الله بالغ وباقٍ بعز عزيز وبذل ذليل، عزاً سيعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله، والله غالب على أمره ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
عصر الجمعة 7 ذو القعدة 1434هـ


تعليقات

  1. لاحول ولاقوة الا بالله ، صنفت الرجل وكفرته وكفرت مخالفي السلفية ولا اعلم كيف ستتحمل كل ذلك الوزر يوم العرض على الله؟

    ردحذف
  2. يا شيخ حفظك الله
    هذا الكافر و أمثاله يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم و لكن الله متم نوره و لو كره الكافرون.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني