فتوى مختصرة في الأضحية عن الميت
بسم
الله الرحمن الرحيم
الأضحية عن الميت
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله، فقد كثر سؤال كثير من الإخوان عن حكم الأضحية عن الميت، وما حصل فيها من
التباس وتضارب في فتيا أهل العلم المعاصرين، وإيضاحاً لما أشكل وتقريباً لمن طلب
الطريق الأسهل، والسير على القول الأمثل، أقول:
إن الأضحية عن الميت لها حالتان:
الأولى:
أن
تُضم مع أضاحي الأحياء
كأن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته، ومن
أهل بيته الأحياء والأموات فهذا جائز بلا خلاف يعتبر، والدليل على ذلك أن النبي
صلى الله عليه وسلم ضحى وهو في المدينة عن أهل بيته ومنهم الميت كخديجة زوجته
وابنتيه رقية وأم كلثوم رضي الله عنهن.
ودليلٌ آخر وهو أنه ضحى بكبشين أملحين
أحدهما عن من لم يضحِ من أمته، ومن أمته من قد مات قبل ذلك ومنهم من لم يخلق بعد.
الثانية:
أن
يفرد الميت بأضحية
وهي لا تخلو من صورتين:
الصورة الأولى:
أن يكون الميت أوصى أو ادخر وقفا نامياً يضحى له من نمائه، فهنا يقال: يجب تنفيذ
وصيته بذلك، ويُفرد بأضحية عنه، فإن كان له مال أوصى به، فمن ثلث ماله وما دون فإن
نفد الثلث يسقط العمل بالوصية.
وإن كان وقفاً نامياً فيضحَّى عنه من
النماء متى استمر.
والدَّليل على هذه الصورة عموم الأدلة الموجبة
لتنفيذ الوصية، والعمل بالأوقاف، مما يضيق المقام عن ذكرها.
الصورة الثانية:
أن يكون الميت لم يوصِ بمالٍ ولم يدخر وقفاً، وإنما مجرد وصيته بالأضحية عنه، فهنا
يقال: إنه لا يجب ذلك الامتثال بهذه الوصية وإن كان أقرب قريب، ولكن من تمام البر
للميت خاصة إن كان من الوالدين الأضحية عنهم استحباباً حتى لو أفردوا بذلك لأنه من
عموم الصدقة، وثواب الصدقة يصل إلى الميت كما هو معتقد أهل السنة والجماعة، ومن
خالف هذا الأصل فعليه بالدليل وهو عام في الصدقة والأضحية منها.
ولا يعني عدم إفراد النبي صلى الله عليه
وسلم لميت من الأموات بأضحية أنه لا يجوز فعلها، فكما أن إثبات الفعل يحتاج إلى
دليل فكذلك منع الفعل يحتاج إلى دليل والأصل ينصر عدم منع الذبح عن الميت مفرداً
وهو دخولها في عموم الصدقة، فتنبه.
ولكن احتياطا وللخروج من الخلاف يُستحب
لمن أراد أن يضحي عن ميت من الأموات ولو كانوا أكثر من واحد أن يشركهم مع الأحياء،
وفي ذلك تخفيفٌ على المضحي وتوفيرٌ لماله.
وما تقدم ذكره هو تفصيلٌ لرأي شيخنا
الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، وانظر "مجموع فتاوى اللجنة
الدائمة" من جمع المسند (2/320-321) والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
وكتب
بدر
بن علي العتيبي
الثلاثاء
3/ ذو الحجة / 1418 هـ
تعليقات
إرسال تعليق