مختصر كشف الشبهات 3: الرد على الجفري وكشف جهله بمراد شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الجهر بالنية

(مختصر كشف الشبهات: 3)
الرد على الجفري وكشف جهله بمراد شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الجهر بالنية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فقد نقل علي الجفري في حسابه في تويتر كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ليقرر أصله المنحرف باتهام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بالتوسع في التكفير، وشيخ الإسلام من أعدل الناس طريقة في هذا الباب، ولكنه فساد النية والطوية، والفُجر في الخصومة، فنقل الجفري قول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في "مجموع الفتاوى" (22/ 236): (الجهر بلفظ النية ليس مشروعا عند أحد من علماء المسلمين ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعله أحد من خلفائه وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها ومن ادعى أن ذلك دين الله وأنه واجب فإنه يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول فإن أصر على ذلك قتل).
ولا أدري أيفهم الجفري ما ينقل أم لا؟ وفساد الفهم مبناه على سلامة القلب من الغلّ، وكما يقال:
وعين الرضا عن كـــــــلّ عيبٍ كليلة         ولكن عين السخط تبدي المساويا
وإلا فماذا سيقول الجفري عن قول إمام المدينة ابن أبي ذئب لما بلغه أن الإمام مالك لم يأخذ بحديث: (البيعان بالخيار) فقال ابن أبي ذئب: (يُستتاب مالك فإن تاب وإلا ضربت عنقه!) [ينظر: تاريخ بغداد: 3/103] مع أن الإمام مالك لم يرد الحديث! وإنما تأوّله.
بل ماذا سيقول الجفري الشافعي! فيما نقله صاحب "كفاية النبيه في شرح التنبيه" (6/ 273) أن أبا إسحاق الشيرازي لما خالف في مسألة من مسائل النية في الصوم وألزم بشرطية تجديدها كلما أكل أو شرب ليلة الصيام، فقال أبو سعيد الاصطخري: (يستتاب أبو إسحاق؛ فإن تاب وإلا قتل).
وفي "المعيار المعرب والجامع المغرب" (2/ 30): (قال ابن سحنون في كتابه : أجمع الناس على أن الزعفران ليس بطعام ، فمن قال أنه طعام فقد خرق الإجماع ، يستتاب ، فإن تاب و إلا قتل).
فهل سيذكر الجفري هؤلاء مع شيخ الإسلام ابن تيمية أم أن سيله ميّال على وادِ ابن تيمية فقط؟ لشيء في نفسه وهواه!
فالعلماء رحمهم الله تعالى عندما يقولون مثل هذه العبارات، لهم منازعهم الاجتهادية، ودوافعهم العلمية على القول بذلك، وقد يوافقون وقد لا يوفقون على ما قالوا، فالظن الحسن بعلماء الإسلام هو الأولى والأعدل والأقوم بمن يرقب الله والدار الآخرة.
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حين قال ذلك، فإن دافعه إلى ذلك صحيح من حيث النظر والدليل، فهو لا يحكم بكفر من جهر بالنية أو أفتى بذلك، وقد قال به من قال من العلماء اجتهاداً وتأوّلا، فإنّ من قاله إنما قاله: بمحض اجتهاده، ولا دليل نصّي يُعتمد عليه في المسألة، فبينّ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أن من زعم أنه من شرع الله فقد كذب.
قال شيخ مشايخنا الإمام محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى في تفسير كلام شيخ الإسلام هذا (2/ 64): (وهذا واضح كأَمثاله - الذي ينسب إِلى الدين ما ليس منه وتبين له الحجة ثم يعاند فإِنه يعاقب بما يردعه وأَمثاله حتى ولو بالقتل حماية للشريعة أَن يضاف إِليها ما ليس منها).
والجهر بالنية بدعة باتفاق العلماء، قال ابن الحاج "المدخل" (2/ 274 - 275): (ولا يجهر بالنية فإن الجهر بها من البدع ... وما تقدم من أن النية لا يجهر بها فهو عام في الإمام والمأموم والفذ فالجهر بها بدعة على كل حال إذ إنه لم يرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الخلفاء ولا الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - جهروا بها فلم يبق إلا أن يكون الجهر بها بدعة. وينبغي له أن ينهى المأمومين عما أحدثوه من قراءتهم بالجهر بـ{إياك نعبد وإياك نستعين} حين قراءة الإمام إياها فيحذر من هذا جهده فإنه بدعة).
فهي بدعةٌ باتفاق العلماء، فمن نسب حكماً شرعياً إلى دين الله تعالى بغير بينة يكون ممن شرع في دين الله تعالى ما لم يأذن به، وهذا مما يستتاب فيه من ادعى أنه شرع الله الواجب.
فمحاولة الجفري إلصاق تهمة التكفير بشيخ الإسلام ابن تيمية محاولة فاشلة لا تسوّق إلاّ في ميدان الجهال بدين الله، أو الزنادقة المشككين في الإسلام كالزنديق المصري الذي جاء الجفري بنقل كلامه وانتقاده هنا.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب

بدر بن علي بن طامي العتيبي

تعليقات

  1. أبو إسحاق المذكور هو المروزي وليس الشيرازي . لأن الشيرازي ولد بعد وفاة الإصطخري.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني