مختصر كشف الشبهات 4 : الرد على الجفري؛ في كذبه على علماء الدعوة السنية، وزعمه أنه يضللون من خالف في المسائل الاجتهادية

(مختصر كشف الشبهات: 4)
الرد على الجفري؛ في كذبه على علماء الدعوة السنية، وزعمه أنه يضللون من خالف في المسائل الاجتهادية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
فقد نقل علي الجفري في حسابه في تويتر كلاماً من كتاب الدرر السنية (14/ 375) هذا نصه: (ولا ينبغي لأحد من الناس العدول عن طريقتهم، رحمة الله عليهم، ومخالفة ما استمروا عليه في أصول الدين، فإنه الصراط المستقيم، الذي من حاد عنه فقد سلك طريق أصحاب الجحيم.
وكذلك في مسائل الأحكام والفتوى، لا ينبغي العدول عما استقاموا عليه، واستمرت عليه الفتوى منهم، فمن خالف في شيء من ذلك، واتخذ سبيلا يخالف ما كان معلوما عندهم، ومفتى به عندهم، مستقرة به الفتوى بينهم، فهو أهل للإنكار عليه والرد لقوله).
فقال الجفري: (لا تعجب من رفض التنوع في الاجتهادات الشرعية واعتبار المخالف لآراء هؤلاء المتطرفين ضالاً مارقاً عن أهل السنة).
فأقـــــــــــــــــــــــــول:
صدق النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: (إن مما أردك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت!).
فالجفري لما أُريق ماء الحياء من وجهه هان عليه الكذب والافتراء نسأل الله السلامة والعافية، وبيان ذلك:
أن كلام الجفري يوحي بأن الكلام المنقول فيه وصف (علماء نجد) من رفض التنوع في (المسائل الاجتهادية) بأنه (ضال مارق عن السنة!) وهذا كذب مخالف لما هو منقول، وبيان ذلك على وجه البسط:
أن الكلام المذكور هو كلام جماعة من كبار علماء نجد ذلك الحين وهم: حسن بن حسين، وسعد بن حمد بن عتيق، وسليمان بن سحمان، وصالح بن عبدالعزيز، وعبدالرحمن بن عبداللطيف، وعمر بن عبداللطيف، وعبدالله بن حسن، ومحمد بن إبراهيم بن عبداللطيف، وغيرهم، كتبوا ذلك نصيحة خاصة للعلماء وطلاب العلم، وأن وضع البلاد لما استقام على دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في أصول الدين وفروعه وجب عدم (تمزيق الصف) و(الافتراق) وقد حَسُن حال الناس واستقاموا على هذه الطريقة، لأن مصلحة الاجتماع أولى من الفرقة، ثم بينوا أن المسائل على قسمين:
القسم الأول:
ما كان في أصول الدين، فهذه هي التي يقال عن المخالف فيها بأنه (ضال مارق عن السنة) وهذا في قولهم: (ولا ينبغي لأحد من الناس العدول عن طريقتهم، رحمة الله عليهم، ومخالفة ما استمروا عليه في أصول الدين، فإنه الصراط المستقيم، الذي من حاد عنه فقد سلك طريق أصحاب الجحيم).
وعقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي عقيدة أهل السنة، ولم يخرج عن عقائدهم قيد أنملة، وبينه وبين مخالفيه بطون الكتب، ورسائل عقائد الأئمة فيما نقله أبو القاسم اللالكائي الشافعي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" وقبله أصحاب الكتاب الستة في أبواب السنة والتوحيد من صحاحهم وسننهم، ولا ضير أن تنسب العقيدة لعالمٍ ما دام على جادة العلماء من قبله كما يقال: عقيدة أحمد بن حنبل، وعقيدة الطحاوي، وعقيدة ابن أبي زيد القيرواني، وعقيدة فلان وفلان، ومن ذلك صنيع أبي الحسن الأشعري في أول كتابه "الإبانة" حيث قال ص:20) : (قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما روى عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته - قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق، ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيع الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم، وجليل معظم).
فحكم بالضلال والابتداع والزيغ على من خالف عقيدة هذا الإمام، ولا ضير لأنه إمام أهل السنة.
وحمل الناس على عقيدة إمام من الأئمة لا يضر، ما دامت هي عقيدة أهل السنة من قبل كما حصل للخليفة القادر بالله (ت:422هـ) بعد الفتنة في حينه أن كتب عقيدة على منهاج أهل السنة، ثم حمل الناس عليها، ولا ضير ما دامت على الحق، وإنما التثريب والعيب إن كانت على الباطل والبدعة كما حمل بعض السلاطين الناس على عقيدة ابن تومرت! الجهمية، وأبطل ما سواها.
فعلى ذلك كلام العلماء في التضليل إنما هو في مخالفة آل الشيخ محمد بن عبدالوهاب في أصول الاعتقاد التي هي أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة خلافاً لأهل البدع والضلال.
أما القسم الثاني:
فهي مسائل الاجتهاد والنظر، فقالوا: (وكذلك في مسائل الأحكام والفتوى، لا ينبغي العدول عما استقاموا عليه، واستمرت عليه الفتوى منهم، فمن خالف في شيء من ذلك، واتخذ سبيلا يخالف ما كان معلوما عندهم، ومفتى به عندهم، مستقرة به الفتوى بينهم، فهو أهل للإنكار عليه والرد لقوله).
وهذه هي المسائل الاجتهادية ولا تجد في كلامهم الحكم على المخالف لها بالمروق عن السنة والضلال! وإنما زعم ذلك الجفري في كذبه المعهود! والموجود مجرد الإنكار لا رداً للقول وإغلاقاً لباب الاجتهاد وإنما درءً للاختلاف ومخالفة ما استقر عليه حال الناس.
فهم عندما (حثوا) طلاب العلم على لزوم طريقة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في مسائل الاجتهاد وهو لا يخالف مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، إنما حثوهم على ذلك جمعاً للكلمة، وتوحيداً للصف، فمذهبه واختياراته كان عليها العمل كصنيع دار الفتوى في كلّ بلد، وهذا خيرٌ وفضل، وعليه سار الناس في كلِّ عصر وفي كلّ بلد، ولم ينكر هؤلاء العلماء حق الاجتهاد والنظر، فقالوا بعد ذلك –في كلاماً لم يلتفت له الجفري!!!-: (ونحن نعلم أن المسائل العلمية، والأحكام التي يحكم بها الناس، والفتاوى التي يفتون بها، لا تخلو من الخلاف، وهذا أمر يعرفه من له أدنى معرفة؛ لكن الاختلاف بين الناس خصوصا في جهة نجد، لا بّد أن يكون سبب شر وفساد وفتنة؛ وسد باب الشر والفتن والفساد، أمر مطلوب في الشريعة; بل هو من أعظم مقاصدها، كما لا يخفى).
فتأمل قولهم: (وهذا أمر يعرفه من له أدنى معرفة) وأن الاختلاف والاجتهاد واقع لا محالة، ثم بينوا عن قصدهم الشريف في جمع الناس على مذهب واحد، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى بما رجحه واختاره الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى، فقالوا: (لكن الاختلاف بين الناس خصوصا في جهة نجد، لا بّد أن يكون سبب شر وفساد وفتنة؛ وسد باب الشر والفتن والفساد، أمر مطلوب في الشريعة; بل هو من أعظم مقاصدها، كما لا يخفى).
فهذا هو إيضاح الكلام وبيانه، وفيه يعلم الناظر أن الجفري قد فجر في الخصومة، ونسب إلى مخالفه ما لم يقل به، وزعم أن علماء نجد قد (تطرفوا) وحكموا بالضلال والمروق عن السنة على من يخالفهم في المسائل الاجتهادية.
والله موعده وإياهم في يومٍ يخيب فيه من حمل ظلماً، وهو حسبهم ونعم الوكيل.
ثم قبل الختام:
ماذا يريد الجفري -هذه الأيام- بمثل هذه المشاغبات على كتب أهل السنة، والافتراء عليها، ومحاولة إلصاقها بعقائد الخوارج والتكفيريين؟
ما هذا إلا شغبٌ منه لا يجدي ولا يفيد، بل ليعلم الجفري أن غالب العلماء وطلاب العلم المتبعين للسنة، الملازمين لها، ومن كانوا على ما كان عليه الإمام محمد بن عبدالوهاب هم ضد الفكر الخارجي، وأكثرهم بياناً له، وتحذيراً منه؛ في كلّ بلاد، وأخصهم أهل العلم والفضل في دولة الأمارات العربية المتحدة، فجهودهم منشورة مشكورة في نقضهم لشبه الخوارج من أول توقد النار الخارجية التكفيرية في العالم العربي، وأعلم هذا عنهم يقيناً بأسمائهم وجهودهم من أكثر من عقدٍ من الزمان، بل صوتهم في الأمارات اليوم فوق صوت الجفري ومن على شاكلته، فهم الأسبق والأشهر والأظهر والأكثر في الرد على الخوارج حينما كان الجفري مشغولاً بالتمايل والطرب والرقص على الخواطر الصوفية، وطبولهم الطرقية! فتاريخ الجفري في نقض عقائد الخوارج لا يخدمه، وإنما الشرف والفخر من حظ أهل السنة ونصيبهم في نقض عقائد الخوارج، والله ولي التوفيق. 
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي

7 شوال 1436هـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني