من المختارات لكم (13): الرد على حاتم الشريف (فأما الزبد فيذهب جفاء..)

دفاعاً عن السلفية ودعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب .....  يا حاتم الشريف
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) [الرعد : 17]
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فسبحان الذي بيده مقاليد الأمور، وتصاريف الدهور، وتقلبات القلوب، وعلم الغيوب، وهو العدل في حكمه وقضائه، والشكر له على كريم نعمائه، ونسأله الثبات على التوحيد والسنة حتى الممات، ونعوذ بالله من تقلبات أهل البدع والأهواء أهل الأغلوطات والشتات.
روى  الحاكم في "المستدرك" (4/514) وغيره عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: (إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا؛ فلينظر، فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما؛ فقد أصابته الفتنة، وإن كان يرى حراما كان يراه حلالا؛ فقد أصابته ).
وفي لفظٍ عند أبي نعيم في "الحلية" (1/273) : (فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا؛ فلينظر، فإن كان يرى حراما ما كان يراه حلالا، أو يرى حلالا ما كان يراه حراما؛ فقد أصابته الفتنة).
وروى عبدالرزاق في "مصنفه" (11/249) وغيره عن حذيفة رضي الله عنه أيضاً أنه قال: (إن الضلالة حق الضلالة أن تعرف اليوم ما كنت تنكر قبل اليوم وأن تنكر اليوم ما كنت تعرف قبل اليوم وإياك والتلون فإن دين الله واحد).
وروى الحاكم في "المستدرك" (4/552) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله قال: (عليكم بتقوى الله و لزوم جماعة محمد صلى الله عليه و سلم فإن الله تعالى لن يجمع جماعة محمد على ضلالة و أن دين الله واحد و إياكم و التلون في دين الله و عليكم بتقوى الله و اصبروا حتى يستريح برا و يستراح من فاجر).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" (ص182) عن أبي مسعود الأنصاري: (إياكم والتلون في الدين ما عرفتم اليوم فلا تنكروه غدا وما انكرتموه اليوم فلا تعرفوه غدا).
وروى الطبراني في "الكبير" (6 / 196) عن سهل بن سعد رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لعبد الله بن عمرو : ( كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس وقد مزجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا ؟) و شبك بين أصابعه قال : الله ورسوله أعلم قال (اعمل بما تعرف ودع ما تنكر وإياك والتلون في دين الله وعليك بخاصة نفسك ودع عوامهم).
وروى أبو نعيم في "الحلية" (4/233) وابن أبي الدنيا في كتاب "الصمت" (673) عن إبراهيم النخعي قال: (كانوا يكرهون التلون في الدين).
هذه النصوص والأخبار كلها في ذم التلون في دين الله تعالى، وأن يتقلب الإنسان في دينه، وهو أكثر ما يكون في آخر الزمان والله المستعان- كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا) أخرجه مسلم (1/76) والترمذي (2195).
وعندما يُعرف معنى التلون، وأنه يكون بالتقلب في الدين، فبذلك يُعرف أنه يقع في أهل التنسك أكثر منه في غيرهم، وهذه من أشد البلايا وقانا الله من ذلك.
فكيف لو أضيف إلى ذلك الانقلاب والنكوص على العقبين كـ(كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) [النحل : 92] كما ضرب الله تعالى بهذا الجنس مثلاً من أشد الأمثلة تخويفاً كما قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) [الأعراف : 175 - 177].
وإن من أهل التلون والتقلب في الدين اليوم المدعو: أبو قلمون! حاتم الشريف! حيث صدر منه العديد من المقالات التي لم تكن تعهد منه من قبل! ومن ذلك:
[1] طعنه في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب، وقد رددت عليه في مقالي المنشور في الشبكة بعنوان: (كشف المكر والتزييف في الموقف من دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب في كلام حاتم الشريف) [http://badralitammi.blogspot.com/2012/01/11.html].
[2] خلطه في مسائل التكفير وبلوغ الحجة وفهمها، ومسائل العذر بالجهل فيه، كغيره كثير.
[3] خلطه في منهج السلف الصالح في التعامل مع أهل البدع، وهذا منه للتهوين من بعض البدع التي كشفت تقلبات الزمن تخطيطه لتقريرها، وكذلك تمجيده بعض أهل البدع والثناء عليهم.
[4] تجويزه لشد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومخالفته في ذلك.
[5] تقريره لجواز الاحتفال بذكرى المولد النبوي بضوابط يذكرها!!
[6] خلطه الكبير في مقاله (سنصدع بالحق) ومخالفاته وتطاولاته على العلماء، وقد رددت عليه في مقالي : (حاتم الشريف .. المولود الجديد بين الفقه المنكوس والليبرالية الشمطاء) [http://badralitammi.blogspot.com/2012/01/12.html].
[7] تذبذبه في مسألة الاختلاط، وعدم استقراره على قول فصل.
هذا بعض ما عند الرجل من مخالفات مما يكشف حقيقته، ومكانته في ميزان العلماء، ومن آخر ما تكلم به ما نشرته صحيفة (دار الحياة الالكترونية) على الرابط [http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/127318]  وهي نفثة تضاهي عدة نفثات من صدور تأثرت بعدما أقيمت ندوة (السلفية منهج شرعي ومطلب وطني) التي أقامتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فلم تقبل العنوان والمضمون، فكانت هذه الندوة (فيصلاً) بين الحق والباطل!! فأقرها أهل السنة وقبلوها وأثنوا عليها خيراً وشكروا لجامعة الإمام محمد بن سعود هذه المشروع المبارك.
وأثارت حفيظة المخالفين من أهل الإلحاد والزنادقة، ومن أهل البدع والأهواء، والعجب من حاتم الشريف ممن يظن به الخير!! أن يتجه للسكوت على أقل تقدير، ولكن هي عادته!! وللأسف- أنه لم يعهد منه الثورة لدين الله تعالى، فلم نراه أصدر كلمة واحدة مقابل (ملتقى المثقفين!) وما فيه من منكرات وفضائح لا يقبلها مسلم! ولم تتحرك ثورة فضيلته! ولم تتدفق ينابيع حكمته لما يطرح يوماً بعد يوم من سموم الليبراليين والزنادقة التي يحيكون بها للإسلام وأهله، بل ربما أولئك الزنادقة والضلال إذا أرادوا لأباطيلهم لباساً شرعياً اتجهوا إلى مثل هذا المتقلب لكسب مقالة تؤيد مقالتهم يستندون إليها ويدندون حولها مقابل الشهرة الإعلامية، والله المستعان.
وفي هذا اللقاء المشار إليه الدليل على ذلك حيث تدور أسئلته المخطط لها حول مواضيع حساسة لو تكلم بها ظاهر الانحراف لكانت عقوبته أقسى، ولكن حملت إلى حاتم الشريف الظاهر أو المتظاهر! بزي العلم ليقرر ما يوافق رغباتهم ولو من طرف خفي!!
****
طُرح على حاتم الشريف هذا السؤال:
هل تجرؤ على نقد السلفية والوهابية وبعث الجديد في الشأن الإسلامي؟
فقال: ("السلفية" بمعنى فهمنا واجتهادنا في تتبع منهج السلف وليست منهج السلف ذاته، و"الوهابية" بمعنى الدعوة التجديدية التي قام بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب: كلها جهود بشرية غير معصومة من الخطأ، بل لا بد من أن يقع فيها الخطأ. وقد تشرفتُ بأن تجرأت فعلاً على نقدهما ، في أكثر من مناسبة. لأن نقدي لهما هو نقد المحب، الذي يريد الإصلاح، وليس نقد المبغض، الذي يريد الإسقاط).
أقول: وأي شرف يا مسكين؟ وأي نقد إصلاحي تريد؟ إن هذه الجرأة لا تصدر عن راسخ في السنة ديانة وعلماً، حتى يختص دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب بالنقد والمخالفة! كيف وهذه الجرأة المزعومة إنما تأتي على مذهب أهل السنة فقط بالهدم! وتأتي على مذهب أهل البدع بالتأييد والنصر، فأي جرأة هذه الجرأة غير المكر والخديعة، والحور بعد الكور؟!
فأين جرأة حاتم الشريف على ما شاع وذاع من "إلحاديات الليبرالية السعودية"؟
وأين جرأة حاتم الشريف على إنكار العديد من المنكرات التي تنخر جسد الأمة؟
وأين جرأة حاتم الشريف على صنيع الرافضة في ديار المسلمين عموما بما في ذلك شرق المملكة العربية السعودية؟
ودعوى أن الدعوة "السلفية" وما سماه بـ" الوهابية" غير معصومة، ولديها أخطأ كلمة متكررة من حاتم الشريف في غير موطن ولم يأتِ بأنواع تلك الأخطاء ولا تفاصيلها، فليتكرم هذا الناقد المصحح بالإسراع بهذا النقد! وبيان أخطاء "السلفية" و"الوهابية" حسب قوله! كي نعرف من يوافقه في النقد ممن يخالفه؟!
فإن كانت جرأته في انتقاد الأخطاء وكشف عدم العصمة تصل به إلى: إجازة الاحتفال بذكرى المولد النبوي، وشد الرحال للقبور، وتهنئة الكفار بأعيادهم ونحو ذلك، فيا ليته سلم من هذه الجرأة لأنه في كلّ ذلك بالخطأ أحرى، وأهل السنة السلفيين "الوهابيين!!" أصح وأصدق قولاً وأعظم أجرا.
وقد كشفت في مقالي "كشف المكر والتزييف" دعواه التي يندن حولها دوما بأن "الوهابية" غير معصومة، وما في هذا الكلام من مزج بين الحق والباطل، وطلسم يعمي الحقائق والدلائل.
*****
سئل حاتم الشريف بهذا السؤال: أي الفيروسات ينهش جسد الأمة أكثر الفيروس التربوي أم السياسي أم الاقتصادي؟
وليتأمل القارئ الكريم جوابه حيث قال: (ورثت أمتنا من قرون تخلُّفها الأخيرة (من القرن الهجري العاشر فما بعد) مجموعةَ أوبئةٍ فتّاكةٍ من الفيروسات، أهمها أمران: الأول الموقف السلبي من الدين إما بفهمه فهماً خاطئاً، وبالتالي سيكون التديّن خاطئًا، وإما بالإعراض عن التديّن بالكلية. والأمر الثاني: التخلّف العلمي والحضاري. وكل إخفاقاتنا التربوية والسياسية والاقتصادية هي نتاج تلك الأوبئة، والتي أرجو أننا نعيش فترة التشافي منها، وهي فترةٌ  تنتابها بعض الانتكاسات ولا شك، وما زلنا نحتاج فيها إلى عنايةٍ مركّزة لكن الذي يدل على أننا في فترة تشافي أننا اليوم خيرٌ منا قبل مئة سنة مثلاً. وأرجو ألا تطول فترة التشافي لقرون تأتي).
أقول: والله لا يصدر هذا الجواب من عاقل عالم عادل، والتقييد يقتضي التميز بوصف ينفرد به عن غيره، وتقييد تخلف الأمة من القرن العاشر فما بعد يستوقف حاتم الشريف للسؤال! ولمَ هذا الحد بالذات؟
فليس ما بعده بأحسن حالاً مما قبله في كلّ الأمور، فقد كانت الدولة الإسلامية تعاني من ضعف وتمزق كبير من بعد القرون المفضلة الأولى، فلماذا هذا القرن وما بعده على وجه التحديد؟
ثم: ليتأمل القارئ الكريم مدى الجور في هذا الكلام حيث وصف الأمة بالتخلف الديني والاقتصادي والسياسي والتربوي والحضاري ووو.
بينما عاشت الأمة خلال تلك المدة نشاطاً دينياً قويا في العديد من أنحاء العالم من بلاد الحرمين إلى الشام واليمن ومصر والديار المغربية، بل والهند والباكستان في حركات تجديدية إسلامية، ومن أشهرها وأقومها وأصدقها اتباعا للكتاب والسنة دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى المتوفى عام (1206) في صدر القرن الثالث عشر؟
فهل كانت دعوته، وما سار عليه الأمراء والملوك من زعماء الدولة السعودية بكافة مراحلها من فتوحات وتطور علمي وسياسي واقتصادي كل ذلك- في انحدار وسقوط حتى جاء عصرك يا حاتم (لتعيش فترة التشافي)؟
بل من نظر بعين الشرع، علم بأن البكاء إنما هو على غياب الدين وغربته من قلوب وبلدان بعض البشر في هذا الزمان، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه) رواه البخاري (9/61) من حديث أنس رضي الله عنه.
وروى ابن وضاح في "البدع" (76) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (ليس عام إلا والذي بعده شر منه ، لا أقول : عام أمطر من عام ، ولا عام أخصب من عام ، ولا أمير خير من أمير ، لكن ذهاب علمائكم وخياركم ، ثم يحدث أقوام يقيسون الأمور بآرائهم ؛ فيهدم الإسلام ويثلم).
فلن يكون زمانك يا متقلِّب خيراً من زمان العلماء الصادقين قبل مائة عام، وهم أهل الثبات والرسوخ من أجلة الأعلام والشيوخ، وقد قبض العلم بذهاب عصرهم، وهكذا العلم يقبض من كلّ عصر بذهاب حملته، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس - وفي رواية : من العباد - ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما : اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا ، فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا) متفق عليه.
وما قيمة العِمارة والحضارة والسياسة والاقتصاد إذا ذهب دين الله تعالى؟
وليتأمل العاقل البصير قول الله تعالى في سورة الروم: (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ * أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ) [الروم : 6 - 10].
وكيف أن أكثر الناس الغافلين بنص كلام الله تعالى يقتصر علمهم على ظواهر الحياة الدنيا، وغفلوا بالملذات والمنكرات عن لقاء الله تعالى والعمل له بالذل والخضوع، وكيف قصّ الله تعالى لنا حال من كان قبل من الأمم عمروا الأرض أكثر ممن جاء بعدهم ثمَّ ماذا كان؟ ظلموا أنفسهم؛ وكذبوا بآيات الله تعالى، واستهزئوا بها، فعذبهم الله تعالى، واستأصل شافتهم وأبادهم.
فزمنك الذي تزعم أن فيه التشافي المرتقب!! والذي تتمنى أن لا تطول مدة تشافيه شر من الزمن الماضي، حتى من حولك من قريب!! فلم يقل الحلاج ولا ابن عربي ولا الفارابي ولا غيرهم من الزنادقة:
(مسكين أنت يا الله!! نحملك ما نقوم به من أخطاء).
أو يقول: (الله والشيطان واحد هنا وكلاهما وجهان لعملة واحدة).
أو يقول: (الانتحار نصر على الله، ففي الانتحار تفوت الفرصة على الله أن يختار لك مصيرك).
أو يقول: (ما نسميه قدرا قد يكون عبثاً، وما يسمونه عبثا قد نسميه قدرا).
أو يقول: (والقول بأن تطبيق الشرع هو الحل، هو اللاحل نفسه!! ... بل إنه يثير المشكلات والإشكالات أكثر مما يحل).
ونحو ذلك من مقالات الكفر والزندقة التي يقولها أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بألستنا.
[ينظر كتاب: حركة التغريب في السعودية، الصفحات: (157-257)].
فهل هذا هو التشافي المرتقب يا حاتم؟
هل التشافي المرتقب يكون بالدعوة إلى الاختلاط، والتبرج والسفور، وحل السينما، وقيادة المرأة للسيارة، وتحكيم القوانين الوضعية، وعدم تكفير المشركين، وفشو المنكرات، وإيجاب خروج المرأة ومشاركتها للرجل في بناء الأمة، وغير ذلك من عظائم الأمور؟
سبحانك اللهم ربنا ولا حول ولا قوة إلا بك.
****
وفي آخر اللقاء سئل حاتم بهذا السؤال: السينما وقيادة المرأة السيارة... لو أوكل الأمر إليك ماذا أنت فاعل؟.
فقال: (سأضع الضوابط التي تحقق المصلحة منهما، ثم أقول بأعلى صوتي: إن لم تطبّق هذه الضوابط فأنا بريء من هذا التطبيق الذي لم يلتزم بها. ولذلك فإنه يجب أولاً تهيأ الظروف والوسائل والمؤسسات الكفيلة بإمكانية التطبيق السليم، قبل فتح المجال لها. وأما بغير ذلك فسأقف مع الممانعين، ولا سيما إن شعرت أن هناك من يريد الإفساد من خلالها، وكان قادراً على تحقيق مآربه).
وأقول: وهذا من علامات التشافي عند حاتم الشريف!! حيث نادى الناس (رجالاً ونساء) إلى حل السينما، وزعم وضعه ضوابط لإنشائها والإذن بها، وأخلى مسؤوليته من تطبيق ذلك إن لم يُلتزم بضوابطه!! بعدما تهكم غير مرة في مقالات سابقة بـ"اعتناء العلماء بمسألة سد الذرائع" ورأى أنهم يبالغون في التحرز، فهل يشك عاقل أن القول بالمنع من إنشاء دور السينما هو أوجه التصرفات لحسم مادة الشر، واختلاط الجنسين، وتفاقم الأمر، خاصة وأن القرائن المحلية والدولية تقضي بأن السينما بؤرة فساد في المنشور والحضور؟!
بل ليت هذا (الجريء الصغير) اتهم نفسه أما فتاوى أساطين العلماء بالمنع من السينما، والتحذير منها، وأنه تشتمل على محاذير عدة، وقد جمعتها في رسالة مفردة منشورة في الشبكة.
[http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=163921]
هذا لقاء واحد مع حاتم الشريف! ليتأمل القارئ الكريم ما فيه من فساد الطوية في صريح القول أحياناً وفي تلميحه أحايين، هدانا الله وإياه إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
الثلاثاء 23 صفر 1433

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني