من المختارات لكم (16) : ذئب ضارٍ يفترس الشيخ عائض القرني .... إنا لله وإنا إليه راجعون

ذئب ضارٍ يفترس الشيخ عائض القرني ... إنا لله وإنا إليه راجعون
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) أخرجه الترمذي.
والمراد بهذا الحديث إظهار مبلغ خطر هذين الدائين على ابن آدم، وهما (حب الشرف) و(حب المال) فهما يفسدان دين الإنسان أشد من إفساد الذئب الجائع الضاري إذا أرسل في غنم!
وحب الشرف: هو حب الشهرة والظهور، وهما من أعظم ما يفتن به العبد، وخاصة أهل الدين والصلاح، لأن محبتهم لتحقيق هذه الغاية تبرر كلّ وسيلة ولو كانت مخالفة لأصول الدين ومبادئه!
قال الغزالي في "الإحياء" (3 / 287) : (اعلم أن من غلب على قلبه حب الجاه صار مقصور الهم على مراعاة الخلق مشغوفا بالتودد إليهم والمراءاة لأجلهم ولا يزال في أقواله وأفعاله ملتفتا إلى ما يعظم منزلته عندهم وذلك بذر النفاق وأصل الفساد ويجر ذلك لا محالة إلى التساهل في العبادات والمراءاة بها وإلى اقتحام المحظورات للتوصل إلى اقتناص القلوب).
ومن أشهر من ابتلي بحب الظهور، وداء العظمة، والبحث عن رايات الشهرة ولو في أتفه المواطن: الشيخ عائض بن عبدالله القرني!
فمن سبر تاريخه ظهر له ذلك جلياً في تفاخره بخطاب العظماء -كما يقول- كـ(يلسن مانديلا) ومصافحة (رؤساء الدول! ومجالستهم!) وتجاوز واحدٍ من كتبه (الطبعة المليون!!) واحتشاد الجماهير حوله في رحلاته الدولية!! حتى قال في مبالغة وصفه في زيارته لأديس أبابا: (وصدقوني أنني لم أشاهد في حياتي جمعا حضرته أكبر من هذا الجمع، إلا في الحج، وبعضهم عانقني والبعض صافح ومن لم يستطع مسح الرأس ومشى، ومن لم يستطع أشّر من بعيد وقبّل يده وكبرّ، وخفنا على أنفسنا من الزحام حتى تدخل بعض رجالهم لفض الزحمة، ومن شك فليسأل وهي معنا مسجلة بـالـ(سي دي)..)
(http://muntada.islamtoday.net/t46537.html)
فأي فتنة هذه الفتنة في هذا الكلام الممجوج الذي لا يقوله من كان لديه أدنى علم وأقل مسكة من عقل؟!
غير مسابقته إلى الخروج في كلّ قناة ولو كان قد ذمها من قبل، غير تقلباته في تحليل ما حرمّ، وتحريم ما أحل، وموافقة من يخالف، ومخالفة من يوافق، حتى يصبح بقول، ويمسي بقول!
نسأل الله الثبات على دينه.
واليوم تطالعنا (صحيفة  الشرق أون لاين) بخبر من أخبار المفتون بالشهرة ومزاحمة السلاطين! ولو على حساب دينه، حيث نشرت أن (الداعية السعودي المعروف الدكتور عائض القرني يغادر إلى الجزائر نهاية هذا الأسبوع، للمشاركة في أسبوع المولد النبوي بحسب صحيفة (الشروق أون لاين) الجزائرية والذي تنظمه سنوياً جمعية الإرشاد والإصلاح ويرعاه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.وعبّر الدكتور القرني عن سعادته الكبيرة وهو يستعد لملاقاة محبيه على أرض الجزائر، مبيناً أنه لم يتوان لحظة في قبول الدعوة بسبب شوقه للجمهور الجزائري . وقال: (إننا نرتبط بـ"قبلة واحدة"، ونحمل رسالة واحدة هي رسالة الإيمان والحب والسلام والأمن والإخاء، وأشار إلى أن ارتباطه بالجزائريين لا يعود فقط لزيارته لهم في الجزائر، بل حتى بتواصلهم معه خارج تراب الوطن خاصة في أوروبا، مضيفا انتظروني إنني في شوق لملاقاتكم يا جمهوري في بلدي العريق، بلد الشهداء وبلد العلماء).
وبليتان تراهما في هذا الخبر:
أولاهما: المشاركة في بدعة في الدين بإجماع العلماء وهي بدعة الاحتفال بذكرى المولد النبوي، فالعلماء أجمعوا على أن الاحتفال بذكرى المولد بدعة، وإن اختلفوا في نوع هذه البدعة، لإجماعهم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة التابعين والتابعون لهم بإحسان لم يحتفلوا بمولده صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من محدثات جهال الباطنيين تمويها على الناس ومضاهاة لدين النصارى.
أفلا يستحي عائض القرني من شهود المنكر وحضوره؟!
أمن أجل الظهور والشهرة، وملاقاة جماهيرك يا قرني أبحت لنفسك حضور الاحتفال بذكرى المولد النبوي؟
والثانية: نفس العظمة والجمهورية، ونداء الجماهير، كما في الخبر (بسبب شوقه للجمهور الجزائري) وفيه: (أن ارتباطه بالجزائريين لا يعود فقط لزيارته لهم في الجزائر، بل حتى بتواصلهم معه خارج تراب الوطن خاصة في أوروبا، مضيفا انتظروني إنني في شوق لملاقاتكم يا جمهوري في بلدي العريق).
فأي فتنة بهذه الفتنة؟
بئسَ الزعامةُ إِن تكنْ أهدافَها   ***  حُبُّ الظهورِ وبئسَ من يتزعمُ
هزلَ الزمانُ فسادَ كلُّ مهرجٍ *** بالسيفِ واعتزلُ الأصيلُ الأكرمُ
أين أنت عن جادة العلماء عن الميل لعدم الظهور، والاتجاه إلى الخمول، كما روى أبو خيثمة في "العلم" (رقم158) عن منصور عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون أن توطأ أعقابهم.
ألا ترى بأنك فُتنت وفتنت؟ وقد روى الدارمي في "سننه" (رقم523) عن سليمان بن حنظلة قال: أتينا أبي بن كعب لنحدث إليه فلما قام قمنا ونحن نمشي خلفه فرهقنا عمر فتبعه فضربه عمر بالدِّرَة قال فاتقاه بذراعيه فقال: يا أمير المؤمنين ما نصنع؟! قال: (أو ما ترى فتنة للمتبوع مذلة للتابع؟!).
وروى الدارمي أيضاً (رقم521) أن الحارث بن قيس الجعفي -وكان من أصحاب عبد الله وكانوا معجبين به- فكان يجلس إليه الرجل والرجلان فيحدثهما فإذا كثروا قام وتركهم.
بل كان الظهور فتنة يدعى بها على من ظلم وبغى كما روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (رقم26332) عن الحارث بن سويد ، أن عمارا دعا على رجل فقال : (اللهم إن كان كاذبا فابسط له الدنيا واجعله موطأ العقبين).
نسأل الله الثبات على دينه، ونعوذ بالله من الخزي والخذلان، ومن الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكتب
بدر بن علي بن طامي العتيبي
الاثنين 7 ربيع أول 1433هـ




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني