من المختارات لكم (20): ثلاثون علامة تدل على أن هؤلاء المخربين خوارج
بسم الله الرحمن الرحيم
ثلاثون علامة تدل على أن هؤلاء المخربين خوارج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسـول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين:
سألتني بارك الله فيك عن الخوارج وحالهم، وهل من يقوم بأعمال التخريب اليوم منهم أم لا، وما أوجه الشبه بينهم فأقول:
الخــوارج من الفرق المنحرفة عن السبيل، التي خرجت أولى علاماتها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، عندما قال ذو الخويصرة التميمي: (يا محمد اعدل !!) فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقال: (ويحك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟!) ثم أخبر: (أنه يخرج من ضئضئ هذا أقوام تحقِِِِِِِِِرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية!) وفيما قال: (كلاب النار، كلاب النار، كلاب النار) (شرُّ قتلى تحت أديم السماء) (لئن لقيتهم لأقتلنَّهم قتل عاد) (طوبى لمن قتلهم أو قتلوه) (لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل) (سفهاء أحلام، حدثاء أسنان يقولون من قول خير البرية ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة) (يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء) (يتقفرون العلم تقفرا) (سيماهم التحليق والتسبيد) (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) (يخرجون على حين فرقة من الناس) (هم شر الخلق والخليقة) (يخرج آخرهم مع الدجال!).
كل هذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في خبر الخوارج، والأحاديث في وصفهم أكثر، بل لم يروَ في ذكر خبر الفرق المخالفة في الإسلام أكثر ولا أصح من أحاديث الخوارج! هذا إن لم يقل بأنه لم يصح في الباب غيرها! وقد جمع أهل العلم أحاديثهم في مظانها، ولعلكم تراجعونها في "جامع الأصول" [10/76-93] وفي غيره.
فإذا كان مبدء خروجهم على عهد النبي r، وشككوا في ذمته وعدله، ثم استفحل شرهم في عهد عثمان ذي النورين، وشككوا في أمانته وعدله، بل واقتحموا عليه الدار وقتلوه، ومثّلوا به، واستباحوا حرمة دمه وماله ودينه! ثم جردوا السلاح ضد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم! وكفروا علياً رضي الله عنه وأحبطوا عمله! ويرون بأنهم أولى بالحسنيين! وأن رواحهم إلى الجنة.
وعندما ضرب أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أحدهم بالسيف قال له: (خذها إلى النار وبئس القرار!) ، قال الخارجي: (ستعلم غداً من منّا أولى بها صلياً!!).
فإذا كان هذا حالهم مع أكمل الخلق وأطهرهم طريقة، فلا يستغرب ما يحصل اليوم من أتباعهم مع من هم عرضة للخطأ والتقصير، وما مرّ زمان إلاّ ومنهم فلول، تجتمع أحياناً ثم تفترق أحايين! حتى (يخرج الدجال!) كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم! وما من خليفة من خلفاء الإسلام وحكامها إلاّ ولقي من أذية الخوارج ما لقي سواء بالسيف أو باللسان والتحريش!
والذين يقومون اليوم بالعمليات التخريبية، وكذا الذين من قبلهم من الذين يؤلّبون الناس على الحاكم، ويوغرون صدورهم عليه: لا يشك صاحب سنة عالم عاقل بأنهم: (خوارج مارقة) .
ولعل نتائج أعمالهم حققت أوصافهم، وصدق انتسابهم إلى هذا الفكر المنحرف وإن رفضوا ذلك، وعامة من كابر بادئ الرأي، وأنكر وصفهم بالخروج، وخبث طويتهم، اعترف اليوم بذلك، وأنكر منهم أشد النكير، وهذا مما يميّز صاحب السنة العالم العاقل عن غيره، لأن الفتنة إذا أقبلت يعرفها العلماء، وإذا تغشت الناس وأدبرت عرفها عامة الناس، ولهذا ما أوسع علم ابن مسعود رضي الله عنه عندما رأى أقواماً يتعبدون الله تعالى في المسجد على غير ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مقولته المشهورة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن أقواماً سيخرجون يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، وأيم الله ما أدرى لعل أكثرهم منكم) ، وما دارت الأيام والليالي إلاّ ويحصل ما قاله العالم العاقل ابن مسعود رضي الله عنه، وشهد بذلك من شهد الواقعتين وهو عمرو بن سلمة حيث قال: (رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج) .
وهكذا الحال اليوم : فكم صرّح علماؤنا الأجلاء بخروج أهل التعيير والتشهير، ونصيحة الفضيحة، وتوغير القلوب، من قبل هذه الوقائع بسنواتٍ عديدة، ومع ذلك ما أشد أذية الحمقى لهم!! ورفضهم لقبول هذه الحقائق الكونية! فرحم الله العلماء ما أعظم فضلهم على الناس، وما أشد أذية الناس لهم!
واليوم: من نظر إلى طريقة القوم، وقرنها بطريقة أسلافهم من الخوارج المارقة، يقف حتما على مبلغ التوافق العجيب! وخذ من ذلك:
[1] الخوارج الأوائل: شككوا في أمانة النبي صلى الله عليه وسلم وعدله! وأمانة عثمان وعدله ، ووصفوه بالاستبداد، وهكذا هم اليوم يصنعون مع حكامنا!
[2] الخوارج الأوائل: قاموا بدعوى نصرة التوحيد الجهاد، وتحكيم الشريعة، وكفروا علياً ومعاوية وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم بذلك، ورأوا أن أعمالهم قد حبطت.
وهكذا هم اليوم : كفروا حكامنا ، وعلماءنا ، ووصفوهم بالطواغيت ، وقالوا عن الشيخ ابن باز: ( رأس الردة ! وعمود الكفر! وذنب الحكام!) وقالوا: (بلغ مرحلة من الخرف والسفه مما جعله لا يقبل قوله) وقالوا: (علماء السلاطين) وقالوا (أقل ما يقال فيهم أنهم فسّاق!).
[3] الخوارج الأوائل: يزورون الكتب، والأقاويل على لسان أهل العلم، وأنها تعضد طريقتهم، [ البداية والنهاية :10/277] [10/281] [10/340] .
وهم اليوم: يزورون الكتب، وينسبون أنفسهم إلى أهل التوحيد والسنة من الأحياء والأموات!! ويستشهدون بكلام الإمام ابن تيمية وهم أبعد الناس عن طريقته، وبكلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهم أبعد الناس عن حقيقته، وبكلام أئمة الدعوة وهم الذين رضوا بحكم آل سعود وناصروهم حتى أقاموا دولتهم.
[4] الخوارج الأوائل: يقومون بالمظاهرات والمسيرات ضد الحاكم! [البداية:10/280] .
وهم اليوم كذلك .
[5] الخوارج الأوائل: يسعون إلى الانقلاب على الحاكم فضلاً على أن يناصحوه ، كما دخلوا على عثمان رضي الله عنه، وحاصروا داره، وقالوا للناس: من كفّ يده فهو آمن! [البداية :10/280] .
وهم اليوم كذلك ، وأطلقوا الحرب للحاكم بل وحكومته بل وشعبه المناصر له!!
[6] والخوارج الأوائل : يفترون على الحاكم ما لم يقل، ونسبوا إلى عثمان كتاباً، ووضعوا عليه خاتماً كخاتمه!! [ البداية : 10/280 ] .
وهم اليوم: كذلك يفترون على الحكام بشتى أنواع الأكاذيب أو على أقل تقدير ما لم يأتوا عليه ببينة! ويزورون الوثائق، والجوازات، وغير ذلك .
[7] الخوارج الأوائل: من مزيد ظلمهم ومبلغ حقدهم على الحاكم يسمونه بأسماء زعماء اليهود والنصارى، كما سموا عثمان رضي الله عنه بـ : نعثل! [ البداية :10/282] [10/307] وربما قلبوا اسمه، كما صنع الراسبي؛ فما كان يسمي علياً رضي الله عنه باسمه! وإنما يسميه بـ: الجاحد، من شدة بغضه عليه [ البداية :10/591] .
وهم اليوم : يسمون الحاكم بـ : ( بوش العرب ) أو ( البابا يوحنا ! ) و ( آل سلول ) .
[8] الخوارج الأوائل : يسبون الحكام على المنابر! كما صنع ابن عديس في شتمه لعثمان رضي الله عنه على المنبر! [ البداية :10/297] .
وهم اليوم كذلك: بالتصريح ، وبالتلميح!
[9] الخوارج الأوائل: يصرحون بكفر الحاكم مهما كان له من فضائل، فعندما دخلوا على عثمان وقتلوه، وهو على مصحفه، قد أصابه بعض دمه، قال أحدهم: ما رأيت كاليوم وجه كافرٍ أحسن! ولا مضجع كافرٍ أكرم! [ البداية :10/307] .
وهم اليوم: لم يلتفتوا إلى محاسن حكام المسلمين ، وما رعى الله بهم من المصالح، وحفظ بهم من الحقوق، وحقن بهم من الدماء، وصان بهم من أعراض، ومع ذلك كفروهم.
[10] والخوارج الأوائل: يستبيحون المحرم لتحقيق مطلبهم! وقالوا: الذي أباح لنا دم عثمان كيف يحرم علينا ماله؟! وأخذوا كل شيٍ حتى الأقداح [البداية:10/307 ] ويسفكون الدماء، ويقطعون السبل، ويستحلون المحارم [ البداية :10/584] .
قال ابن كثير مؤيداً قتال علي رضي الله عنه للخوارج: (وفيه خيرة عظيمة لهم ، ولأهل الشام أيضاً ، إذ لو قووا هؤلاء لأفسدوا الأرض كلها عراقاً وشاماً ، ولم يتركوا طفلاً ولا طفلة ولا رجلاً ولا امرأة لأن الناس عندهم قد فسدوا فساداً لا يصلحهم إلاّ القتل جملة ..) [البداية:10/584-585] .
وهم اليوم: يفعلون كل محرم من أجل تحقيق مطلبهم! يسرقون! يحلقون! يكذبون! يفترون! يلبسون لباس النساء! يقتلون الدماء المعصومة لمصلحة عظمى عندهم وهي قتل كافر أو رجل أمن! ويرون بأنه لا (إصلاح) إلاّ (بالسلاح!) .
[11] الخوارج الأوائل: يقاتلون الحاكم في حقيقة الأمر لشيٍ في أنفسهم لا لله عز وجل ونصرة لدينه، كما صنع عمرو بن الحمِقِ حين جلس على صدر عثمان بعد ما طعن من قبل، فطعنه تسع طعنات! وقال: أما ثلاث منهن فلله، وستٍ لما كان في صدري عليه! [البداية:10/309 ] .
وهم اليوم كذلك: فما يفرحون بخير حباهم الله به ، ولا يحزنون بأمرٍ أصابهم ! .
[12] الخوارج الأوائل: يبحثون عن إسقاط الحاكم في الزلة على كل وجهٍ! فعندما نسبوا إلى عثمان رضي الله عنه أنه كتب فيهم كتاباً، وأنكر ذلك قالوا له: إن كنت كتبته فقد خنت! وإن كنت لم تكتبه فقد عجزت! ومثلك لا يصلح للخلافة: إما لخيانتك وإما لعجزك! [البداية:10/311 ] وتأمل رد ابن كثير فما أحسنه .
وهم اليوم كذلك: حتى فيما يفعلونه من تخريب! فيستبيحون ما يقومون به من أعمال تخريبية، ومن جانب آخر يصيح السفيه من جانبٍ آخر ويقول: هذا فيه دليل على عدم أهلية الحاكم ، وانفلات الأمن! وكلهم مبطل كذاب!
[13] الخوارج الأوائل: أن الخوارج لا يموتون – غالباً – إلاّ بشر قتلة، وعلى أردى حال، وقد أقسم بعض السلف أنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلاّ مقتولاً! قيل إجابة لدعوة سعد بن أبي وقاص عندما قال: (اللهم أندمهم ثم خذهم) [البداية:10/320 ]
وهم اليوم: بعدما استباحوا الدماء المعصومة ، وقتلوا الرجال والنساء والأطفال ، وقنت عليهم المسلمون في جنح الظلام : ماتوا أخس ميتة ، وقتلوا شر قتلة : ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ (الكهف:103-104) .
[14] الخوارج الأوائل: مع ما توهب لهم من عطايا وأموال، يتكبرون ويسألون الله التغيير والتبديل! قال سعيد بن المسيب: كانت المرأة في زمان عثمان تجئ إلى بيت المال، فتحمل وقرها، وتقول: اللهم بدل ، اللهم غيّر! [البداية: 10/336] .
وهم اليوم: على ما وهبوا في هذه البلاد من نعم كثيرة ، ومن إعانات، ومن أنعام لا تحصى في الجملة ، وربما بعضهم موظف في (حكومتهم) أكل من أموالهم ، واشتد بها عوده ، ومنهم من تدعمه الدولة : بإذن دعوة ! ، أو بنشر كتابٍ ، أو بتدريس ٍ في جامعة أو مدرسةٍ ، أو بإقامة مركز ، أو بترتيب مخيمٍ ، ثم يقول: (اللهم غيّر، اللهم بدل!) .
أنشد حسان رضي الله عنه :
قلتم بدّل فقد بدلكم سنة حرّى وحرباً كاللهبِ
ما نقمتم من ثيابٍ خلفةٍ وعبيدٍ وإماءٍ وذهب ؟! .
[15] والخوارج الأوائل: يعتبون على الحاكم اجتهاداته الشرعية، ويستغلونها لإسقاطه ، وتوغير القلوب ضده، كما عتبوا على عثمان تحريق المصاحف! وإتمام الصلاة في منى [البداية:10/395] .
وهم اليوم: ما إن يرى الحاكم رأياً للخلاف فيه نظر ، وللاجتهاد فيه مسوّغ : إلاّ وطاروا بمخالفته ، وقالوا : هذا تبديل لشرع الله !! ، وحكم بغير ما أنزل الله ! .
[16] الخوارج الأوائل: يتأولون كلام الحاكم وفعله على غير ما يريد! كما صنعوا مع عليٍ رضي الله عنه! قال ابن جرير: ( ثم جعلوا بعد ذلك يعرضون له في الكلام، ويسمعونه الشتم، ويتأولون تآويل في كلامه!) [ البداية :10/569] .
وهم اليوم: كذلك ، وكل ما يصدر منهم يقلب على أقبح الأوصاف: حرب للإسلام، تجفيف لمنابع الدين، تعطيل للجهاد، استنزاف للأموال! نهب لمدخرات البلاد!
[17] الخوارج الأوائل: ينزلون آيات الكفر على حكام المسلمين! كما قال أحدهم لعلي رضي الله عنه وهو في الصلاة : ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾(الزمر: 65) ، فقرأ علي رضي الله عنه : ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ﴾ (الروم:60) [البداية:10/569 ] .
[18] الخوارج الأوائل: يجهلون مسائل الحكم بغير ما أنزل الله، ويكفرون الحاكم بما ليس منها بمكفرٍ! وقالوا لعلي رضي الله عنه: (يا عليّ أشركت!! في دين الله الرجال ، إن الحكم إلاّ لله!) [ البداية :10/570] .
وهم اليوم كذلك!
[19] الخوارج الأوائل: يأخذون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض! فتمسكوا بقوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِله﴾(الأنعام: 57) ، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾(المائدة: 44) ونزلوها على غير تنزيلها، وأجملوا، وعمموا في الدليل والحكم! ولما ناظرهم ابن عباس – رضي الله عنهما – أتم لهم الدليل، ونقض لهم الحكم، وكشف جهلهم! وأتى لهم بالأدلة التي حكم الله فيها حكم الرجال، فحكم الرجال بحكم الله من حكم الله!
وهم اليوم كذلك: في مسائل عدة؛ حتى أن أحدهم أطلق مرة الحكم بأن كل من حرم ما أحل الله : فهو كافر ! ، فقال له صاحب السنة ، وما تقول في قوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾(التحريم:1)، فبهت الذي فجر!، ثم طغى وكفر وقال: يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كفر ثم تاب الله عليه!
[20] الخوارج الأوائل: يتحزبون إلى أشخاصٍ – وإن كانوا صالحين! – وكل منهم يطلب أن تكون الولاية لصاحبه! [ البداية :10/398] .
وهم اليوم: كل حزبٍ يدعو إلى أولوية (زعيمه) بالولاية! وهم من أبعد الناس عن الصلاح والتقى، والعلم والهدى، بل : والعقل وحصافة الرجال!
[21] الخوارج الأوائل : يفضحون، ويشهِّرون، ويكفرون، ويهددون، وقال زرعة بن البرج لعلي رضي الله عنه: أما والله يا عليّ لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله لأقاتلنَّك اطلب بذلك وجه الله ورضوانه!) [البداية:10/577 ].
وهم اليوم كذلك: حرموا من النصيحة والإصلاح الشـرعي! وجنحوا إلى التعيير والتشهير والتهديد، ومن ثمّ إلى التخريب والتدمير ، واستباحة المحرمات!
[22] الخوارج الأوائل: يدعون إلى مهاجرة أرض الإسلام! كما قال عبدالله بن وهب الراسبي -وهو منهم-: (اخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها، إلى جانب هذا السواد، إلى بعض كور الجبال، أو بعض هذه المدائن، منكرين هذه الأحكام الجائرة .. ) [البداية:10/578] .
وهم اليوم كذلك: ومنهم من هو أسوأ من الخوارج الأوائل حيث جمز إلى أرض الكفار، واستنصر بهم، وعاش تحت ولايتهم، ودان باتباع أنظمتهم، وتحاكم إلى شريعتهم، وهيئوا له السبل لحرب الإسلام والمسلمين! فاستبدل صوت المآذن، وخلو الأرض من الأوثان والكنائس ومعابد الكفر، وهاجر إلى أرضٍ يعلو فيه الصليب، وتدندن فيها أجراس الكنائس، ويكفر فيها بالله علانية، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً﴾ (النساء:97- 99) ،و قوله تعالى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ (العنكبوت:56).
ويتشدقون بأنهم هربوا من: سياسة القمع، ومن ظلم الحكومات!
[23] أن الخوارج الأوائل: خرجوا بمسمى الجهاد والتوحيد، وإنكار المنكر، ووجوب تحكيم شرع الله، قال الراسبي: فأشهد أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى، ونبذوا حكم الكتاب، وجاروا في القول والعمل، وأن جهادهم حق على المؤمنين!) [البداية:10/578-579].
وبالله عليك : اقرأ هناك كلام ابن كثير بعده فما أجمله ولولا خشية الإطالة لنقلته كاملاً .
وهم اليوم كذلك .
[24] الخوارج الأوائل: يدّعون أن مقتولهم في الجنة، ويستبشرون به، وكانوا يتنادون يوم النهروان (الرَّواح الرَّواح إلى الجنة!) [البداية:10/587 ] .
وهم اليوم كذلك ، وينشدون (الأهازيج) و(زفَّة الشهيد) إلى الحور العين في الجنة !!
[25] الخوارج الأوائل: يرون بأن من قتلوه في النار كائناً من كان! حتى أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه وهو من أجل الصحابة لما ضرب أحدهم بالسيف فأنفذه من ظهره قال له: أبشر يا عدو الله بالنار! فقال له الخارجي: ستعلم أيّنا أولى بها صليا! [البداية:10/588 ] .
وهم اليوم كذلك: وما يرون الناس إلاّ من جثى جهنم ! .
[26] الخوارج الأوائل: يستبيحون دماء أهل الذمة والعهود ، قال عبدالله بن شداد: والله ما بعث إليهم – يعني علياً رضي الله عنه – حتى قطعوا السبل، وسفكوا الدماء ، واستحلوا أهل الذمة ..) [ البداية :10/567] .
[27] الخوارج الأوائل: لا يحترمون العلماء، وربما طعنوا في ذممهم وأمانتهم! بل ربما غمزوا علمهم، حتى قالوا في ابن عباس وهو ترجمان القرآن: هذا ممن يخاصم في كتاب الله بما لا يعرفه! بل ربما غمزوا فيهم بترف اللباس والزينة والمسكن! كما صنعوا أيضاً مع ابن عباس رضي الله عنهما واستنكارهم عليه لبسه للحلة ، [البداية:10/569] .
وهم اليوم كذلك، ويرون أن ما عندهم من أموال ما هي إلاّ من الرشوة التي يأكلونها من حكامهم، والله موعدهم ، جميعاً ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ (الزمر:31) .
[28] الخوارج الأوائل: يخرجون على حين فرقة من الناس، كما جاء في الحديث الصريح.
وهم اليوم كذلك: فبلادنا خاصة، والبلاد الإسلامية عامة تتعرض لأشد حملة حربية وإعلامية على الإسلام في العصور المتأخرة، في وقتٍ نحن أحوج فيه إلى تقويم الصفوف، وإعداد العدة، وجمع الكلمة، فصاروا هم الحرب علينا، وهم سلاح العدو الذي ينطلق بين ظهرانينا!
[29] الخوارج الأوائل: حدثاء أسنان، سفهاء أحلام! كما صرّح به في الحديث .
وهم اليوم: كذلك ، لم يعرفوا بعلمٍ ولا أدب ولا طلبٍ، وليس منهم من اشتد عوده في الإسلام، وعامتهم من أوغل في الدين بشدّة، ولن يشاد هذا الدين أحد إلاّ غلبه!
[30] الخوارج الأوائل: يزداد مروقهم من الدين يوماً بعد يوم! مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم : (يمرقون من الدين ثم لا يعودون إليه) .
وهم اليوم تزداد دائرة شرهم وضلالهم: بدءوا بطلب إخراج جنود الكفر، ثم اتسعت الدائرة إلى كل مشرك! ثم اتسعت الدائرة إلى إعلان الحرب ضدهم، ثم اتسعت الدائرة إلى قتال من يذب عنهم من رجال الأمن، ثم اتسعت الدائرة إلى كل رجال الأمن، ثم اتسعت الدائرة إلى كل من دان بالولاء لحكام هذه البلاد! وربما تتسع الدائرة حتى ينتهكون الأعراض والحرمات كما حصل يوم الحرة، وما حصل في الجزائر موعظة لمن تدبر.
أما سؤال السائل عن كفرهم، فأهل العلم اختلفوا في الحكم عليهم بالكفر، والصواب فيهم التفصيل بحسب حالهم ! ، فمن استحل المحرمات ، واستباح قتل المسلمين ، وحكم بكفرهم جميعاً إلاّ من هم على شاكلته ، فهذا لا شك في كفرهم ، وخلاف من خالف في تكفير الخوارج لا يعني هؤلاء قطعاً .
أما من خرج على السلطان ، وشق عصا الطاعة ، بتأويل سابغ ، وشبهة عارضة فهؤلاء هم البغاة ، ويشملهم مسمى الخروج لا حقيقة حكم الخوارج ، والله تعالى يقول : ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾(الحجرات: 9)، ولهذا لا يجهز على جريحهم ، ولا تستباح أموالهم ، ولا نسائهم وذراريهم ، ويكف عمّن كفّ منهم .
والكلام محل بسطه في غير هذا المقام ، وقد تكلم أهل العلم في أحكام أهل البغي في كتب العقيدة والفقه، فلتراجع، مع وصيتي لكل من أراد معرفة مبلغ خطر هذه الفرقة، وشدة ضلالهم أن يقرءوا كتب التاريخ، وكيف حال الخوارج مع الحكام، وحال العلماء مع الحكام، منذ عصر الصحابة حتى العصور المتأخرة، فلا يعرف بالخروج والمشاغبة على حكام المسلمين إلاّ أرذل الناس وأجهلهم، ولم يعقبوا الإسلام إلاّ كل بلية، ولم يلحقوا به إلاّ كل رزية ، ولو شاء ربك ما فعلوه ، والله حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
14 ربيع الأول 1425هـ الطائف – الحوية
بارك الله فيك ومقاله اكثر من رائعة اسال الله سبحانه وتعالى لك التوفيق والسداد
ردحذفاخي بدر لي تعليق على نقطة للخورج وسمعتها من الشيخ عبدالعزيز بن باز اكثر العلماء يكفرون الخوراج والله اعلم وهو الصواب في كفرهم لماذا لانهم اعترضوا على الله في الحكام الم يقل ربنا الكريم في القران الكريم قل اللهم مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء الم يقل الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام اذهب الى فرعون فقولا له قولا لينا وهذا فرعون والله الموضوع طويل
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف