من المختارات لكم (42): بين الجبل .... والخبل

بين الجَبَلِ شيخ الإسلام ابن تيمية
والخَبَلِ حاتم العوني!
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فقد وقفت على مقطعٍ من مرئيٍ لحاتم العوني (http://www.youtube.com/watch?v=Au1ec3Zuq44 ) تكلم فيه عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بكلام ساقطٍ، غايته إبطال كل ما يروي في تخصيصه بفضيلة! وليس هذا محل كلامي فقد فصلت الكلام عن فضيلة الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ونقض شبه زنادقة الرافضة وأذنابهم في ردي على الملحد حسن بن فرحان المالكي في كتابي "المقدمة الكاوية لمن طعن في الصحابي الجليل معاوية" وأقف مع حاتم العوني في كلامه على موطن واحدٍ يكشف للناظر أن الرجل في تيهٍ على بَلَهٍ! حيث أنه لما جاء عند قول النبي صلى الله عليه وسلم في قتال الخوارج: «يَقْتُلُهمْ أوْلَى الطَّائفَتَينِ بالحَقِّ»:
«وبالمناسبة اعتمد –أي شيخ الإسلام ابن تيمية- اعتماد خاطئ! مئة بالمئة!! من المناسب أن أذكره فأورد حديث أبي سعيد الخدري وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام: (تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق) ففهم –أي شيخ الإسلام!- من كلمة (أولى الطائفتين بالحق) أن عند معاوية حق، وعند علي حق، لكن حق علي أكثر من الحق الذي عند معاوية.
وهذا فهم خاطئ مئة بالمئة! لأن هذا الحديث ورد في الخوارج، معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام: (تقتلها أولى الطائفتين بالحق) أي الفرقة التي هي الخوارج ومعنى (أولى..) هنا ليس معناها أن عند الخوارج شيء من الحق، هي مثل قوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) يعني (من التقوى) وهذا استخدام عربي صحيح، وهذه حقيقة أحد أخطاء شيخ الإسلام ابن تيمية لا ينبغي السكون عنها.. ».
قلت: ليته سكتّ وترك الكلام لغيره من ذكور العلم! وأهل النظر، فقد جمع في كلامه بين رقة الأمانة، وضحالة العلم، مع صفاقة الوجه!
فلو كان هذا خطأ من أخطاء شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ثمّت تثريب عليه ولا لوم في بيانه للناس، فكل العلماء أقوالهم بين الرد والقبول إلا ثابت كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يكون إلا حقاً.
ولو أنه عندما خطأ شيخ الإسلام ابن تيمية كان يريد أن ينصر سنة، ويقمع بدعة، ويحق حقاً ويبطل باطلاً لخف اللوم عليه بحسن نيتهَ!
ولكنه:
خطَّأَ شيخ الإسلام ابن تيمية والحق معه، وقوله هو قول أهل السنة والجماعة، فأخطأ حاتم الشريف في موطنين:
الأول: الخطأ في فهم الحديث.
والثاني: مخالفة قول أهل السنة في إثباتهم أن معاوية كان معه طرف من الحق، ولم يكن مسلوب الحق، عديم النية الحسنة، ظاهر الخطأ من غير شبهة.
فعنده طرف من الحق، وعند علي طرف من الحق، وأقربهما للحق هو علي رضي الله عنهم جميعاً.
وممن استشهد بهذا الحديث على أن الطائفتين هما جيش علي وجيش معاوية رضي الله عنهما:
[1] الإمام أحمد في السنة للخلال (2/418).
[2] ابن حبان في الصحيح (15/129).
[3] أبو نعيم الأصبهاني في الإمامة والرد على الرافضة (ص: 359).
[4] البيهقي في الاعتقاد (375).
[5] ابن حزم في الفصل (4/73 ، 125).
[6] أبو بكر ابن العربي في العواصم (ص168).
[7] النووي في شرح مسلم (7/166-168).
[8] ابن حجر في فتح الباري (12/303).
فلماذا يتحذلق حاتم العوني، ولسانه المفلوت دوماً في شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فيوهم السامع والناظر أنه جاء بفادحة وشاطحة! وقرر ما هو خلاف المعلوم مئة بالمئة كما يزعم!
وها هم جملة من العلماء من قبله ومن بعده نصوا على ما نصّ عليه، وفهموا بمثل فهمه، كيف ولفظ الحديث يفسر نفسه بنفسه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فِرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ».
فهو نص صريح على أن ثمّت ثلاث طوائف:
طائفتان من أمته بينهما فرقة ونزاع، وكلاهما على طرف من الحق بدليل ما جاء في اللفظ الآخر عند عبدالرزاق والحميدي وغيرهما بلفظ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ مَرَقَتْ مَارِقَةٌ كَأَنَّمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ تَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» فدعواهما واحدة، ثم تخرج حينذاك طائفة (ثالثة) مارقة عند دين الطائفتين، ويكون قتلها بيد أقرب وأولى الطائفتين إلى الحق، وكان هذا من نصيب علي رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (3 / 444) : «وأما جمهور أهل العلم فيفرقون بين " الخوارج المارقين " وبين " أهل الجمل وصفين " وغير أهل الجمل وصفين. ممن يعد من البغاة المتأولين. وهذا هو المعروف عن الصحابة، وعليه عامة أهل الحديث، والفقهاء، والمتكلمين وعليه نصوص أكثر الأئمة وأتباعهم: من أصحاب مالك، وأحمد، والشافعي، وغيرهم.
وذلك أنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق» وهذا الحديث يتضمن ذكر الطوائف الثلاثة، ويبين أن المارقين نوع ثالث ليسوا من جنس أولئك؛ فإن طائفة علي أولى بالحق من طائفة معاوية».
ومعنى قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري (8 / 593) : «دينهما واحد، ويحتمل أن يكون دعواهما واحدة فى الحق عند أنفسهما واجتهادهما».
وقال الكرماني: «دعواهما وَاحِدَة، أَي: يَدعِي كل مِنْهُمَا أَنه على الْحق وخصمه مُبْطل، وَلَا بُد أَن يكون أَحدهمَا مصيباً وَالْآخر مخطئاً، كَمَا كَانَ بَين عَليّ وَمُعَاوِيَة، وَكَانَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هُوَ الْمُصِيب ومخالفه مخطىء مَعْذُور فِي الْخَطَأ، لِأَنَّهُ بالإجتهاد، والمجتهد إِذا أَخطَأ لَا إِثْم عَلَيْهِ» بواسطة عمدة القاري شرح صحيح البخاري (16 / 141).
وقال ابن حجر (12 / 303) : «المراد بالدعوة الإسلام على الراجح وقيل المراد اعتقاد كل منهما أنه على الحق».
ونسب النبي صلى الله عليه وسلم الطائفتين إلى أمته، وقد جاء خبر القتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في غير حديث، منه هذا الحديث، ومنه ما رواه الإمام البخاري من حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ».
وما جاء في فضل الحسن بن علي رضي الله عنهما من قول النبي صلى الله عليه وسلم:  «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ» رواه البخاري.
وفي لفظ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُصْلِحَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ، مِنْ أُمَّتِي» عند أبي داود في السنن وغيره.
والفئتان هما أنصار عليّ رضي الله عنه وجيش معاوية، فتم الصلح بالحسن رضي الله عنه في عام 41 الموصوف بعام الجماعة.
فخلاصة القول: أن قول حاتم العوني هو الخطأ مئة بالمئة!! وأنه قد اقتحم صعباً ليس أهلاً له، وصلى الله على نبينا محمد القائل: « من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَقُل خيراً أو لِيَصْمُتْ».
ولحاتم العوني بعد الكلام الآنف الذكر: كلامٌ ساقط في آخر اللقاء في نقده لشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً!- حينما رأى أنه عندما نشبت الفتنة بين الطائفتين العظيمتين، أن من اعتزل الفتنة هو الأفضل، وثرّب على شيخ الإسلام ابن تيمية كعادته! بأنه أخطأ، ولو اتئد وتأمل لعلم أن ما قرره شيخ الإسلام بأن معتزلي الفتنة هم الأفضل وهو القول الصواب، وذلك لأن الحسن بن علي رضي الله عنهما أصلح بين الطائفتين كما تقدم! ولو كان معاوية رضي الله عنه جاء بباطل محض، ومن معه من الصحابة ما كان للحسن رضي الله عنه أن يتخلف عن نصرة الحق وقمع الباطل، فالصحيح أنها فتنة (اشتبه الحق فيها) فاعتزلها من اعتزلها من خيار الصحابة كسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مَسْلَمة وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأمثالهم رضي الله عنهم، فكانوا أسلم جناباً، وأبعد عن اللوم إلى اليوم! كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن محمد بن مسلمة: «لا تَضُرُّك الفتنةُ».
قال حذيفة رضي الله عنه: «إني لأعْرِفُ رجلاً لا تضره الفتنة، قلنا: من هو؟ قال: صاحب ذلك الفُسطاط، قال: فخرجنا، فإذا فُسطاط مضروب، فدخلنا، فإذا فيه محمد بن مَسْلمة، فسألناه عن ذلك؟ فقال: ما أريد أن يَشْتَمِلَ عليَّ من أمصاركم شيء، حتى تنجليَ عما انجلت» رواه أبو داود.
فسمها النبي صلى الله عليه وسلم فتنة! لما فيها من اشتباه واختلاف، وأثنى على محمد بن مسلمة بأنها لا تضره، وكان ذلك باعتزاله الحروب.
 والمراد بالأفضلية هنا بمعناها المحدود في الموقف من الفتنة لا عموم الأفضلية.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (3 / 537) : «وفي الصحيح: عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق» وفي لفظ: «أدنى الطائفتين إلى الحق» .
فبهذا الحديث الصحيح ثبت أن علياً وأصحابه كانوا أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه، وأن تلك المارقة التي مرقت من الإسلام ليس حكمها حكم إحدى الطائفتين، بل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتال هذه المارقة، وأكد الأمر بقتالها، ولم يأمر بقتال إحدى الطائفتين، كما أمر بقتال هذه، بل قد ثبت عنه في الصحيح: من حديث أبي بكرة أنه قال للحسن: «إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين» .
فمدح الحسن وأثنى عليه بما أصلح الله به بين الطائفتين، حين ترك القتال وقد بويع له واختار الأصل وحقن الدماء مع نزوله عن الأمر، فلو كان القتال مأمورا به لم يمدح الحسن ويثني عليه بترك ما أمر الله به وفعل ما نهى الله عنه».
وقال في منهاج السنة النبوية (1 / 541) : «فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ، وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ لَا مَعَ عَلِيٍّ وَلَا مَعَ مُعَاوِيَةَ، كَمَا اعْتَزَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قِتَالٌ وَاجِبٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُلُ، بَلْ كَانَ مَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ أَوِ الْمُسْتَحَبَّ  أَفْضَلَ مِمَّنْ تَرَكَهُ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ قِتَالُ فِتْنَةٍ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا  خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَالسَّاعِي خَيْرٌ مِنَ الْمُوضِعِ»، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ».
وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري (5 / 128 -129) : «وقد رأى كثير من الصحابة ترك القتال مع على، ومكانه من الدين والعلم ما لا يخفى على أحد له مسكة فهم، وسموه قتال فتنة، وادعاء كل واحد على صاحبه أنه الفئة الباغية، وهذا شأن العصبية عند أهل العلم. ولم ير علىّ على من قعد عن القتال معه ذنبًا يوجب سخطه حاله، وإن كان قد دعا بعضهم إلى القتال، فأبوا أن يجيبوه فعذرهم، وكذلك يجب على الإمام الصالح الذى يأخذ الأمر عن شورى ألا يعتب من قعد عنه». انتهى.
ولا  شك أن الفئة الباغية التي ظهر بغيها أنها تقاتل مع الإمام في كل زمان، هذا حينما يظهر البغي ويُعرف، وتتجلى الأمور، أما والحال على ما هو عليه ذلك الحين، فإن الأمر في لبسْهِ واشتباهه، ويكون الكف عن القتال هو الأفضل.
وبذلك يجمع بين قولي العلماء في مسألة (ترك القتال في الفتن) وتطبيقه على مسألة قتال علي ومعاوية رضي الله عنهما.
ويظهر بذلك أن من حكم بوجوب القتال مع عليّ رضي الله عنه إنما حكم بذلك في (ذهنه وعصره!) هذا تطبيق غير سليم، ولو كان بين الفريقين، وفي ذلك الزمان، مع اختلاف المقالات، وتباين الوجهات، لطاش العقل، واحتار الفكر، ولكن بعدما انقشعت الفتنة، وعرف المسلمون أن كلا الفريقين على طرفٍ من الحق، وأن علياً هو الأولى به، جزم بأن القتال معه كان الأفضل!
فلو اقتصروا على تأصيله فيما يقع ويستقبل من الفتن لكان أولى، لأن ما حصل ذلك الحين لم تتجلَّ فيه البينة، ولم يكن الحق فيه واضحاً بحيث أن تجمع النقول والعقول على مذمة من خالفه، فهذا مما لا يليق بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، والرضا به، فهي فتنة لا غير، كانت سحر ليلٍ حينذاك، فلما أشرقت الشمس على من بعدهم عرف من وفقه الله مَن مِن الفريقين كان الأقرب للحق والصواب.
فهي فتنة تطوى، ويبحث عن الحكم فيما بعدها، حتى لو ظهر الحق فيها بعد ذلك مع علي رضي الله عنه، ولهذا لم يتمنَّ أحدٌ من الصحابة ومن فضلاء التابعين ومن أئمة المسلمين أن يكون مع عليّ ذلك اليوم! بينما يتمنى كلّ مسلمٌ من الصحابة والتابعين إلى يوم الدين أنه كان مع جيش علي رضي الله عنه يوم قتاله للخوارج.
فليتأمل العاقل هذا الكلام، ففيه فائدة لمن وفقه الله إلى الهدى، وراحة له من زخم الصراعات والخلافات الفارغة من أهل الهوى في العصور المتأخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
ضحى الاثنين 6 جمادى الأولى 1434هـ
الطائف

تعليقات

  1. جزاك الله خيراً
    ونسال الله أن يعافينا من هؤلاء الذين لا أجد وصفاً لهم غير الرويبضات

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني