من المختارات لكم (44): عندما يتطاول التكرات على الأئمة الهداة

عندما يتطاول (النكرات!) على (الأئمة الهداة)
سعد الدريهم! .... يطعن في الإمام الفوزان
فواعجبا من زمان الرويبضة!
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله تعالى يقول في محكم التنزيل: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11]، وفي ذلك دلالة على رفعة أهل العلم رفعةً خاصةً فوق رفعة عموم المؤمنين، وذلك لما حباهم الله تعالى من العلم بالله عز وجل، ومن كانت معرفته بالله أكثر كان إلى الله أقرب ومنه أخوف، وهم أولياء الله تعالى صدقاً وعدلاً لأنهم أعرف الناس بالله، وألزمهم لحدوده، وأكثرهم تعظيماً لشعائره، وهذه هي الولاية الخاصة المتضمنة لمعنى التأييد والنصرة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: من عادى لي وَلِيّاً، فقد آذَنتُه بحرب»  أخرجه البخاري .
 وهذا فيه أشد النذارة والتهديد من التطاول على أولياء الله، فهم يحاربون الله! والله قاهر فوق عباده، وأخص أولياء الله هم العلماء، وأخص العلماء هم: أئمة أهل السنة الهداة الأتقياء الأصفياء، وهم العلماء الربانيون.
ومن هذا الجنس الشريف، وأصحاب المقام العلي المنيف: شيخنا الإمام العلامة الناسك العابد المجاهد صالح بن فوزان الفوزان، رفع الله درجته في الدارين، ونصر به توحيد الله وسنة سيد المرسلين، صحبته سنين عديدة، وقرأت عنده في فنون شتى، فوجدته: بقيةَ سلفٍ، وخيرَ خَلَفٍ، فَقيهاً بارعاً، مفسَّراً متقناً، أصولياً محققاً، فرضياً مرضيا، وفوق ذلك: أثرياً متبعاً، وسلفياً راسخا، مع رقةٍ في القلب، وسرعة في العبرة، ومحبةٍ للخير، ورباط ومثابرة.
هكذا أحسب شيخنا وأُراه، والله حسيبه ومولاه، وهو غني بفضل الله عليه عن تزكياتي، ومكتفٍ باعتراف أساطين العلم بعلمه عن ثناءاتي، ولكن شدَّني إلى قول ذلك، ما رأيته من غرائب الزمان الحالك! مقالة فدم مجهول، ونكرة مهبول! وهو المسمى (سعد الدريهم!) تطاول فيها على شيخنا الفوزان، وشتمه بما هو من جنس الظلم والبغي على مقامه الكريم، وكان من قوله: (الشيخ صالح الفوزان عالم جليل ونحبه! لكن الحق أحق أن يتبع إلينا منه، وتعليقاته ومنطلقات هجومه على الراغبين في الإصلاح ليست من منطلقات الراسخين في العلم! والشيخ صالح الفوزان عفا الله عنه لا ينكر المنكر!!!! ولا يرضى لأحدٍ أن يُنكر!!! بل ويقف في وجوه المحتسبين (يا صالح قد كنت مرجواً فينا قبل هذا) هكذا حرف الآية!!!- ولا يأتي أحدٌ بجديد إلا حورب وعودي من قبل دعاة الركود! والمنتفعين من قيام سوق العتيق!! إذا عودي الأنبياء والرسل لأنهم دعاة التجديد!!).
هذا كلام الفدم النكرة! ولي معه وقفات:
أولها: تطاوله على مقام شيخنا حفظه الله، وما ضره والله!
وكما قيل:
كناطح صخرة يوما ليوهنها           فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وقال غيره:
                               ما يضر البحر زاخرا           إن رمى فيه صغير بحجر
وأنشدوا:
ما ضرّ تغلب وائلٍ أهجوتها                أم بلت حيث تناطح البحران!
وأنشدوا :
فما على البدر من نبح الكلاب ولا             يوما على البحر يرمى فيه بالحجرِ
فما ضرّ إلا نفسه هذا الجاهل النكرة، ولم ينقص كلامه من رتبة شيخنا شيئاً بفضل الله وكرمه، وإنما تجلّت صورة هذه الجهول المجهول أمام الناس بهذه المقالة المشينة، وهذا من سوء حظه، ومن رداءة حاله، وكما قيل:
إياك يعني القائلون بقولهم       إن الشقي بكل حبل يخنق
فقد كان في عافية من شأنه، وفي سعة في دينه ودنياه، حتى ساق الجهل والهوى، ومحبة الظهور والشهرة، فنال من شيخنا الفوزان بهذه المقالة الشنعاء!
رأيتُ اللسان على أهله               إذا قاده الجهل ليثاً صهوراً
والعلماء يصيبون ويخطئون ولا ضير، ولكن لا يعرف خطأ العلماء إلا العلماء، وهم ببعضهم أعرف، وبشركائهم في ميدان العلم أرأف، وليس للمتردي والنطيح! أن يتطاول على العلماء ومنازلهم، فهم حملة القرآن، وأنصار الشريعة، ونقلة الآثار، وهداة الأمة، فالطعن فيهم بالظلم والبغي من عامة الناس من كبائر الذنوب، لأن الطعن في عامة المسلمين ظلماً وبغياً من كبائرها، فما ظنكم بخاصتهم، وأرفعهم منزلة؟
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58] .
وغيبتهم فوق غيبة عموم المسلمين، وقد وصف الله المغتابين لعموم المسلمين بأقبح الأوصاف، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) [الحجرات: 12].
ولهذا قال العلماء بأن لحوم العلماء مسمومة! كما اشتهر عن الحافظ ابن عساكر قوله: «اعْلَمْ يَا أَخِي وَفَّقَك اللَّهُ وَإِيَّانَا، وَهَدَاك سَبِيلَ الْخَيْرِ وَهَدَانَا أَنَّ لُحُومَ الْعُلَمَاءِ مَسْمُومَةٌ. وَعَادَةَ اللَّهِ فِي هَتْكِ مُنْتَقِصِهِمْ مَعْلُومَةٌ، وَمَنْ أَطْلَقَ لِسَانَهُ فِي الْعُلَمَاءِ بِالثَّلْبِ بَلَاهُ اللَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَوْتِ الْقَلْبِ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63] ..».
ورحم الله من أنشد:
أجدر الناس بالعلا العلماء        فهم الصالحون والأولياء
سادة ذو الجلال أثنى عليهم        وعلى مثلهم يطيب الثناء
وبهم تمطر السماء وعنا        يكشف السوء ويزول البلاء
خشيه الله فيهم ذات حضرا       ففي غيرهم يكون العلاء
فالبرايا جسم وهم فيه روح     والبرايا موتى وهم أحياء
فتعفف عن لحمهم فهو سم      حل منه الضنا وعز الشفاء
قد سموا قطبه وزادوا ذكاء     فعمَّى عليهم الأنباء
قلت للجاهل المشاقق فيهم     هل جزاء الشقاق إلا الشقاء
قد رأينا لكل دهر عيونا     ولعمري هم للعيون ضياء
لا يسألون ما يقول جهول     أنهيقٌ كلامه أم عواء!!
وإذا الكلب في ظلام الليالي     شبح الأرض لا تبالي السماء
فلبسوا بالشقاء كل جهول    ولتفز بالسعادة العلماء
فما ضرّ هذا النكرة المجهول إلا نفسه، وسعى بكلمته إلى حتفه بأنفه، فليهنأ بحاله، وسوء فاله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الثانية: قوله: (وتعليقاته ومنطلقات هجومه على الراغبين في الإصلاح ليست من منطلقات الراسخين في العلم).
هو يريد ما يقع اليوم من سوء الطرائق في (نصيحة السلطان) و(إنكار المنكرات) وما يقع اليوم من (أدعياء الإصلاح) من الاتجاه إلى (التشهير والتعيير والاعتصامات والمظاهرات) وشيخنا لم ينكرها بهواه، ولم يردها بمحض إرادته ومشتهاه، وإنما أنكرها بالكتاب والسنة، ومنصوص عقيدة أهل السنة والجماعة المحررة المقررة في كتب العقائد المطوّل منها والمختصر!
فتقدم يا سعد الدريهم على ما يشهد به الناظرون بأدلتك، واكتب ودع عنك الدعاوى وكلام العواطف الهزيلة!
رد على شيخنا بالحجة والبرهان، وقارع الدليل بالدليل، والتزم بدلّ العلماء وسمتهم، وهات ما عندك.
فالاتهامات، ومداعبة المشاعر، ونثر الكلام بنظام وغير نظام، مطية يحسنها أبو جهل وأبو لهب، وعبدالله بن أبي بن أبي سلول وأضرابهم: (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4] .
وقد أوعب العلماء وأكثروا في بيان الأدلة الشرعية، والأخبار السلفية، والدلائل النقلية والعقلية في إنكار المظاهرات والاعتصامات، والتشهير بالولاة، والخروج عليهم، وليس بعد الحق إلا الضلال! ولكنه الهوى حينما يطمس على قلب المرء فيصرفه عن سواء السبيل.
والراسخون في العلم هو الوقّافون عند محارم الله، المعظمون لشعائره، المتبعون لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، المخالفون لسبيل أهل البدع، المتمسكون بما عليه أهل السنة والجماعة في العقائد والأحكام والآداب.
الوقفة الثالثة: قال النكرة المجهول: (والشيخ صالح الفوزان عفا الله عنه لا ينكر المنكر!!!! ولا يرضى لأحدٍ أن يُنكر!!! بل ويقف في وجوه المحتسبين).
وهذه فرية أيما فرية، وكذبة ما أعظمها وأقبحها، ولا يقولها إلا من رقّ دينه، وذهب ماء الحياء من وجهه، فشيخنا الفوزان: لم تعرفه الناس بمنصبه، ولا بقبيلته، ولا بمالٍ، ولا بدنيا، وإنما عرفوه بتقرير التوحيد والسنة، وتعليم الناس الخير، والنهي عن المنكرات، بل ونفيها بالكتابة والنصح والتغيير، فما من طائفة مخالفة للكتاب والسنة إلا في أكباد أربابها من كنانة شيخنا الفوزان سهمٌ يفريها، فرد على الجهمية والصوفية والملاحدة والرافضة والليبرالية ودعاة الفسق والمجون والخوارج (المسلح منهم والقاعد!) هذا ما ظهر من نصحه للملأ وما كان أخفى أكثر وأقوى للراعي والرعية، ولكنه لا يحدث فتنة، ولا يفرق الصف، وطرقته طريقة العلماء الراسخين من قبل ومن بعد.
حتى في إنكاره على من تسميهم بالمحتسبين! لم يكن مجرداً عن الدلالة، ولا عرياً من النصح، بل دلّهم على الخير، وقال: هذا خطأ ومنكر، والواجب كيت وكيت، والموافق للسنة كذا وكذا.
فلم يصدهم عن إنكار المنكر، وإنما أرشدهم للصواب، ودلهم على سبيل السنة والكتاب، وهذه فرية، وفسقٌ من هذا المتهور الغرّ! وموعدك وإياه يوم الحُكمِ العدلِ بين يدي الله تعالى الحَكَم العدل، (وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) [طه : 61] ، وقال : (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا)  [طه : 111] .
فالبينة البينة ولعنة الله على الظالمين.
الوقفة الرابعة: قال هذا المتهور: (يا صالح قد كنت مرجواً فينا قبل هذا) يظنها آية، وجرّه هذا إلى بليتين:
الأولى: حيث جعل الله فاله من فيه، ونطق بقول المفسدين، وشاكلهم في الإنكار على المصلحين صدقاً وعدلاً، فقال بقول قوم صالح الذين خالفوا أمره، فهم أسلافك، وصالح النبي عليه الصلاة والسلام سلف شيخنا حفظه الله تعالى.
والثاني: خطأه في منطوق الآية! والصواب: (يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا) [هود: 62].
الوقفة الخامسة والأخيرة: (ولا يأتي أحدٌ بجديد إلا حورب وعودي من قبل دعاة الركود! والمنتفعين من قيام سوق العتيق!! إذا عودي الأنبياء والرسل لأنهم دعاة التجديد!!).
فأقول: يا لكع! لا جديد بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وكل ما جاء بعده فهو بدعة وضلاله، وقد قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3] وقال صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضالة، وكل ضلالة في النار» وقال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» وفي رواية: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وقال: «من رغب عن سنتي فليس مني».
فلا نريد جديدك ولا تجديدك أنت وحزبك، وإنما نريد العتيق .... نريد العتيق.
والعتيق هو الجديد الذي لا يخلق، هذا هو العتيق الذي تأنف منه وتستقبحه، وهو الذي حرص عليه الصحابة ودعوا إليه مع قربهم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، روى الدارمي في سننه (1 / 251) عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْضُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَهْلُهُ، أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ، وَالتَّعَمُّقَ، وَالْبِدَعَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ» وفي رواية (1 / 252) «عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْضُهُ أَنْ يُذْهَبَ بِأَصْحَابِهِ، عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَتَى يُفْتَقَرُ إِلَيْهِ أَوْ يُفْتَقَرُ إِلَى مَا عِنْدَهُ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ فَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعَمُّقَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ».
وقوله بأن الأنبياء جاءوا بالتجديد، كذب وزور، بل جاءوا بدين الله الواحد، وهو التوحيد، كما قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران: 19] ويهتدي بعضهم ببعض في الخير، كما قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) [الأنعام: 90]، وهم كذلك في كثيرٍ من الشرائع إلا ما اختص الله به نبياً عن نبي.
فلا نطلب التجديد في شريعة الله، ولا نريد إلا العتيق الذي جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم، فقول هذا المأفون: (ولا يأتي أحدٌ بجديد إلا حورب وعودي من قبل دعاة الركود! والمنتفعين من قيام سوق العتيق!! إذا عودي الأنبياء والرسل لأنهم دعاة التجديد!!) يكشف حقيقة وجهته ونحلته، وأن من أهل البدع والأهواء، ويطلب المحدثات، ويأنف من الاتباع، ويتهكم بأهله، ويصف أهله المتمسكين بـ(دعاة الركود) وأهل (سوقٍ العتيق) وركود في سنة، وانتفاع بـ(السوق العتيق) خير من تهور في بدعة، وخوض في ضلالة.
ومحاربة أهل (التجديد البدعي) دين وعقيدة عليها أهل السنة والجماعة، والآمر به هو النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أحدث ما ليس من دين الله تعالى أُمرنا بمجاهدته باليد واللسان والقلب، كما روى الإمام مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ نبيٍّ بعثَهُ اللهُ في أمَّةٍ قَبْلي، إلا كانَ له من أمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ ، وأصحابٌ يأخذون بسُنَّتِه، ويقتدون بأمره، ثم إنَّها تَخْلُفُ من بعدهم خُلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جَاهَدَهُم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، لَيس وراءَ ذلك من الإيمان حَبَّةُ خَرْدَل».
وإن كان ثمّت من تجديد يُحمد، فهو تجديد ذاك العتيق الذي تذمه أيها البليد، والذين يجددونه هم أهل السنة، والطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، ووصفهم نطق به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «ليأتينَّ على أَمَّتي ما أتى على بني إسرائيل حَذْوَ النَّعْلِ بالنَّعْل، حتى إن كان منهم من أتى أُمَّهُ علانية، ليَكُوننَّ في أمتي مَنْ يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرَّقت على ثنتين وسبعين ملة، وستفترق أُمَّتي على ثلاث وسبعين ملة، كُلُّها في النار، إلا ملة واحدة، قالوا: مَن هي يا رسول الله؟ قال: مَنْ كان على ما أنا عليه وأصحابي» أخرجه الترمذي.
وختاماً، يتبين المسلم العاقل أن زمانه زمان العقارب، وأنه ليس كل من ظهر بشعار الخير، والدعوة إليه يصدّق حتى يأتي بالدليل والتفصيل، وأن العلماء مقامهم رفيع، وسدهم منيع، ولا يقبل تطاول مثل هذا القزم عليهم، ولن يضرهم، وإنما ضرّ نفسه:
ما ضرّ تغلب وائلٍ أهجوتها                أم بلت حيث تناطح البحران!
وأنشدوا :
فما على البدر من نبح الكلاب ولا             يوما على البحر يرمى فيه بالحجرِ
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
قبيل عشاء ليلة الجمعة 10 جمادى الأولى 1434هـ
الطائف

تعليقات

  1. ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ...﴾ [التوبة : 31]

    ردحذف
  2. ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ...﴾ [التوبة : 31]

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني