من المختارات لكم (105): البيان المختصر بشأن ليلة النصف من شعبان

البيان المختصر بشأن
(ليلة النصف من شعبان)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد كثر الكلام عن (ليلة النصف من شعبان) وما فيها من فضل، ولست بصدد ذكر الأدلة ولا مناقشة الأقوال، بقدر مرادي بيان ما أعلمه من مذهب أهل العلم والرسوخ، وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والكلام فيها ينجرّ على أربعة محاور:
[1] فضلها.
[2] إحيائها بالصلاة.
[3] صوم يوم النصف من شعبان.
[4] الاحتفال بها.
أما فضلها، فقد جاء في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في أنّ الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان، والأحاديث مُتكلَّمٌ في صحتها، والنزول الإلهي ليس خاصاً بليلة النصف من شعبان، فهو سبحانه ينزل كلّ ليلة كما ثبت في الحديث المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر من ثمانية وعشرين صحابياً، ولكن من صحح الحديث وقَبله رأى هذه فضيلةً لها، كالنزول الإلهي عشية عرفة، ومجرد الفضيلة لا يلزم منه تشريع عبادة من عند أنفسنا حتى يأتي الدليل الصريح الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة تسع سنين، ومثل هذا الفضل لو ثبت عنه لنُقل بوجه متواتر كما نقل عنه الخبر بالنزول الإلهي في الثلث الأخير كلّ ليلة.
أما إحياؤها بالصلاة؛ فقد ذهب إلى ذلك جماعة من أهل العلم، ونصّ جماعة من المحققين على أنه بدعةٌ لا أصل لها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من قوله، وأمر الصلاة فيها يسير من غير تخصيص لها عن سائر الليالي، ولكنَّ الصحيح أنه لا فضيلة لها تخصها، وإن عمل بذلك من عمل من السلف، فجمهور السلف لم يثبت عنهم أنهم كانوا يحييونها، ولا النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه خصّها بإحياء مخصوص، ولو ثبت عنه ذلك لتظافرت همم الصحابة على نقل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم.
وهذا المحور والذي قبله: محلّ الإنكار فيه يجب أن لا يوجب الفرقة والنزاع، فالخلاف في ذلك محلُّ نظرٍ واجتهادٍ سائغٍ بين العلماء، وكل قولٍ قال به علماء لهم اعتبار وجلالة في الدين والفقه، وإن كان الصحيح المرجح، وقول الجماهير هو عدم ثبوت الفضيلة ولا تخصيصها بقيام.
أما صوم يومها؛ فلا أصل له في السنة، ولا دليل يثبت يدل عليه، قال شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 138): (فأما صوم يوم النصف مفردًا فلا أصل له، بل إفراده مكروه).
أما الاحتفال بها؛ فهو بدعةٌ باتفاق علماء المسلمين، ولم يقل عالمٌ معتبرٌ بأنّ الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو ليلة القدر أو ليلة السابع والعشرين من رجب بأنه مشروع، فكلّ ذلك بدعةٌ وضلالةٌ ما أذنَ الله بها ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
الخميس 12 شعبان 1437


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني