من المختارات لكم (138): الجامية والمدخلية ألقاب افتراها الحزبيون بشهادة كبار العلماء

 

"الجامية" و"المدخلية"

ألقاب افتراها الحزبيون بشهادة كبار العلماء

وآخر الرّكب في غفلتهم يعمهون!

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد اطلعت على مقال كتبه الدكتور ناصر بن عبدالرحمن الحمد تحت عنوان: «السلفية: جامية أم مدخلية!» فوجدته مقالاً كلحمِ جملٍ غَثٍّ عَلَى رأسِ جَبَلٍ: لا سهلٍ فيُرتقى ولا سمينٍ فيُنتقل، فلا يوشك أن يخرج منه القارئ بفائدة ترجى، ولا وثيقة علمية يفرح بها، غير ما فيه من نفثات دفائن الصدور التي لا يعلم بها إلا الله، فلم يصدق في حكاية الواقع، ولم يعدل في الحكم، وللنفوس حاجاتها، وللأهواء نزغاتها، فجاء الكاتب في آخر الركب! ينتقد الشيخين الفاضلين: محمد أمان الجامي، وربيع المدخلي، وينتقد السلفية، ويتكلم عن مسميات «الجامية» و«المدخلية» ولا أدري من هو، لا دينه، ولا مذهبه، ولا توجهه، ولا ما يميز دينه عن دين غيره مما سماه من التوجهات: إخوانية كانت أم صحوية أم غير ذلك!

من هو هذا الكاتب قبل خمس سنين؟ وأينه عن فرقة الإخوان المسلمين من قبل؟ ءآلآن جاء يتكلم في «الإخوان»؟ أين ثقافته؟ أين علمه؟ أين دال دكتوراته! قبل خمس سنين؟ لماذا لم أجد له حرفاً واحداً في «نقد فرقة الإخوان المسلمين» قبل ذلك الحين! حتى جاءنا اليوم في آخر الركب! في زمنٍ استبانت فيه سبيل المجرمين، ومسالك المتحزبين، وتكلم في الطوائف والأحزاب المنحرفة: لكع من البشر، وعلم بضلالهم: الراعي وراء أذيال ماشيته! ثم جاء هذا الكاتب يستأسد على أساطين العلم، ورموز الهدى، ويحاول أن يطعن في دينهم، وينال من عقيدتهم، ويتهم جهودهم! وهم الذين وقفوا ضد الإخوان المسلمين والأحزاب الضالة المضللة في زمان قل فيه الناصر، وتخلّف فيه المعين! فتقدموا حين تخلّف قوم، وتكلموا لما سكت آخرون، تكلم أولئك الأعلام في الإخوان المسلمين والأحزاب الحركية المضلة في أول هذا القرن وقوبلوا بتضييق كافة طبقات المجتمع، فشككوا في ذممهم وأماناتهم، وضيقوا عليهم أشد تضييق.

أقـــلــــوا عـلــيــهم لا أبــــــــا لأبـيـــــــــــكم       من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

مع أن أولئك المشايخ لما تكلموا ما تكلموا إلا بما تكلم به العلماء، ولا حاججوا أهل الضلال إلا بفتاوى أكابر أئمة السنة من قبل، وما خرج الجامي ولا المدخلي عن فتاوى الأئمة الأعلام وعقائدهم قِيد أنملة! ولولا مكانة العلماء الدينية الرسمية لنالهم ما نال الشيخين محمد أمان الجامي وربيع المدخلي من الذم والتصنيف! في العلانية، وإن كان أعداء الحق يتهمونهم بما هو أشد في الباطن، وخلوات الخبث والمكر بأنهم: «هيئة كبار العملاء» و«اللجنة النائمة» و«علماء الحيض والنفاس»، وإلا فما من قول تكلم به الجامي والمدخلي إلا وقد سبق إليه كبار العلماء، وبادروا إليه، وأخصهم المشايخ الأربعة: ابن باز والألباني والعثيمين والفوزان، فكيف بغيرهم من العلماء كعبدالرزاق عفيفي وعبدالله الغديان وصالح اللحيدان وحماد الأنصاري وحمود التويجري وزيد المدخلي وأحمد النجمي وصالح السحيمي، ومن جاء معهم وبعدهم من أهل العلم والفضل، في نجد والحرمين والشمال والجنوب وغير ذلك، بل وفي داخل بلادنا وخارجها كالكويت والبحرين والإمارات وقطر واليمن ومصر والهند وغيرها من بلاد المسلمين، من هداة الأمة، وحملة العلم، وأنصار السنة ممن كانوا على ما عليه من سمى من المشايخ، فمن الكذب والافتراء زعم الكاتب أن الشيخين رفضا أن ينضووا تحت كنف كبار العلماء.

ولم تكن السلفية اسماً وتوجها من تكوين هذين الشيخين وتأسيسهما، فالسلفية دين الله تعالى، ومنهج أهل السنة عامة، وإطلاقها، والدعوة إلى لزومها عليه السلف قاطبة من القرون المفضلة ما بعدها، كما بينته في مقالي:

http://badralitammi.blogspot.com/2013/02/37_22.html.

وغير ذلك من المقالات التي يجد القارئ فيها أن «السلفية» من الأسماء الأثرية الشرعية العلمية التي تتابع العلماء على إطلاقها والانتساب إليها، ولا يأنف من ذكرها، ومن الانتساب إليها ديانة إلا أهل البدع والأهواء.

فليست السلفية حزباً حركياً كما زعم صاحب المقال، كما أنها لم تكن ردة فعل لمنهج الإخوان المسلمين! كم زيف وافترى، بل هي صولة دفاع عن دين الله تعالى، وكتيبة حماية لشريعته، وطائفة حق تنهض غيرة لدين الله تعالى، ولعقيدة أهل السنة، ينفون عن دين الله تعالى انتحال المبطلين، وتحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، كحالهم في كلّ زمان في مقابل كل مقالة سوء، ومذهب ضلالة، كأحمد بن حنبل ضد الجهمية، وابن تيمية ضد الزنادقة وغلاة الصوفية، ومحمد بن عبدالوهاب ضد أهل الشرك والقبورية، ونحو ذلك.

وأما تزييف الألقاب كـ«الجامية» و«المدخلية» فلم تكن إلا من خصومهم، وعادة الخصوم مع أهل الحق معلومة من قديم الزمان، وهي نبز أهل السنة بالألقاب للتنفير عنهم، والتحذير منهم، فيسمونهم المجسمة والحشوية والشاكة والناصبة ونحو ذلك، كما كان أهل الشرك يسمون النبي صلى الله عليه وسلم : «مذمماً» تنفيراً عنه، وكما كان الخوارج يسمون عثمان بن عفان رضي الله عنه: «نعثل!» على اسم رجل يهودي، وكذلك هم أهل الأهواء في تلفيقهم الأسماء المحدثة لأهل السنة، كي ينفروا الناس عنهم، كما بينت بعض ذلك في مقالي:

http://badralitammi.blogspot.com/2013/09/52_6992.html

 وكذلك فعل أهل الضلال مع الشيخ الجامي والمدخلي، ولذلك لا تجد مثل هذه الألفاظ تدار ولا تلاك إلا في أفواه أهل الضلال من الخوارج والإخوان المفلسين وأشباههم، ولن تجد عالماً سلفياً محققا مدققا يذم هذه الأسماء أو يتكلم بها، بل كلهم يميزون الحق عن الباطل، ويفرقون بين الهدى والضلال، ويرون أن هذه الألقاب من تزييف أهل الباطل، وأن الجامي لا يعرف عنه إلا كل خير، وكذلك الشيخ ربيع المدخلي، وأقوالهم موثقة محفوظة ولله الحمد.

ولن يجد هذا الكاتب الذي جاء ناقدا في آخر الركب وثيقة واحدة عن أحد هذين الشيخين أو غيرهما من أهل السنة يقول للناس كونوا جاميين! أو كونوا مدخليين، أو يناديهم إلى اسم من هذه الأسماء المحدثة، أو يعترف بها كما يعترف أرباب الأحزاب بأحزابهم مسمىً وتنظيما.

فقول هذا الكاتب ضرب من الافتراء على خلق الله وبهتانهم بما ليس منهم ولا من دينهم، وحقهم في الدنيا لهم ولأبنائهم، وحساب الآخرة عند الله تعالى الذي يقول: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] ويقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } [إبراهيم: 42] ويقول تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} [طه: 111] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن رمى مؤمناً بشيء يُريد شَيْنه به: حُبس يوم القيامة على جِسْر من جسور جهنم، حتى يخرج مما قال» أخرجه أبو داود، فالله موعده، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

إلى ديان يوم الدين نمضي          وعند الله تجتمع الخصوم

أما ما ذكره الكاتب من أن الشيخ محمد أمان الجامي كان من الإخوان المسلمين متأثراً بهم، ومعظماً لرموزهم، فوالله إنها فرية ظاهرة، فلم يكن الشيخ محمد أمان الجامي إلا شيخا سلفياً أثرياً ما تقلد ربقة حزبٍ قطـ، وهو على سنن علماء هذه البلاد، وممن ردس على أيديهم في المدينة ونجد، ومجرد نقله عن رموز الإخوان لا يلزم من ذلك إلحاقه بالحزب، فما زال أهل العلم ينقلون «الحق» عن الموافق والمخالف، ولا يلزم من نقل الحق عمن ضل موافقته على ما عنده من ضلال، كالنقل عن سيد قطب وغيره، فقد نقل عنه غير واحد من أئمة أهل السنة كالشيخ ابن سعدي وابن باز والفوزان وغيرهم فيما رأوا بأنه حق في كلامه، ولا ضير، فحاله كحال غيره من أهل البدع حين ينقل بعض كلامهم كما هو في سائر كتب العلماء.

ومثله الشيخ ربيع المدخلي، وإن كان قد ذكر في بعض المواطن أنه لم يكن يعلم حقيقة حالهم، وربما صحبهم أيام دراسته صحبة من لم يعلم حقيقة قولهم، ومآل طريقتهم، لا صحبة انتماء وولاء، وديانة وانتهاج، وهذا حال كثيرٍ من الخاصة بله العامة ممن كانوا لا يعرفون حقيقة هذه الأحزاب لأن ذلك الزمان كان أوائل دخولهم للبلاد، ولم يكن الناس يعرفون ممن ظاهره الدين إلا: الإسلام والسنة، وما عليه التوجه السائد لعلماء هذه البلاد من لزوم السنة ومنهج السلف الصالح، أما القول بأن الشيخين كانا «عضوين» أو «منتميين» لهذه الفرقة الضالة فهو من محض الكذب والافتراء.

أما ما أراد هذا الكاتب أن يعيب به «السلفية» والشيخ الجامي وربيع المدخلي ببعض ما يقترفه جهال البشر فلا علاقة لهم بزلل من زل، وضلال من ضل، وإن كان يزعم اتباع أولئك المشايخ، والسير على طريقتهم، فالظلم والبغي، وتصنيف الناس بغير حق، والولاء والبراء على عموم الأشخاص، والغلو في الجرح والتعديل، والإفساد بين الناس، والتحريش بينهم، يتحمل ذلك كله من قام به، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولا ينسب ذلك إلى من سمى من المشايخ، وإلا كان زلل أهل الإسلام ينسب إلى الإسلام، وفسق عصاة الأمة يلحق به! وهذا من أعظم الجور، وأقبح الجهل، ومثل ذلك التوسع في التصنيفات والألقاب، كل ذلك مما يعاب به من قام به ولا تشان به «السلفية» ولا منهج أهل السنة والجماعة.

وخلاصة القول:

أنني لا أرى هذا المقال من ذلك الكاتب إلا نفثة جهل، وفراغ عابث، ولولا أن يغتر به من يقف عليه ما كتبت هذه الأسطر، وقد كتبت في المدونة العديد من المقالات في كشف أمثال شبهه، ومن أراد الاستزادة فليراجعها، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه

بدر بن علي بن طامي العتيبي

الثلاثاء: 21 جمادى الأولى 1442هـ

مكة المكرمة حرسها الله


وثائق ذات صلة:

#وجامية_اختلقوها

[١] الشيخ صالح الفوزان:

لا وجود للجامية:

‏https://www.youtube.com/watch?v=XwaCPz6vpHo&feature=youtube_gdata_player


#وجامية_اختلقوها

[٢] الشيخ صالح الفوزان:

الجامية اسم ابتكره أعداء السنة:

‏http://youtu.be/-A7z_rqD-vs



#وجامية_اختلقوها

[٣] الشيخ صالح الفوزان:

اسم الجامية ابتكره الأعداء للتنفير عن الحق:

‏http://bit.ly/1iiezKx


#وجامية_اختلقوها

[٤] الشيخ صالح الفوزان:

إن كان من جامية فيا حبذا هـ: الجامي.

‏http://safeshare.tv/w/webzKWBbCk


#وجامية_اختلقوها

[٥] الشيخ صالح الفوزان:

مجموعة كلمات لشيخنا عن #الجامية_الزعومة

‏http://www.youtube.com/watch?v=pfVfY7l-nao&sns=tw


#وجامية_اختلقوها

[٦] الشيخ صالح اللحيدان:

الجامية اسم مفترى وفضل الشيخ الجامي

‏http://youtu.be/Wh6TtRkzlek


#وجامية_اختلقوها

[٧] الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ

النبز بالجامية مذموم؛ وفضل الجامي

‏https://www.youtube.com/watch?v=Wh-Jc2OuLqo&feature=youtube_gdata_player


#وجامية_اختلقوها

[٨] شيخنا ابن باز رحمه الله.

يثني على الشيخ الجامي بعد وفاته:

‏http://youtu.be/PoHjES50w7Y


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني