من المختارات لكم (٣١): ماذا يريد حاتم الشريف؟


بسم الله الرحمن الرحيم
(الرد على حاتم الشريف ...... وكشف مراميه!)
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد اطلعت على ما كتب حاتم الشريف في صفحته في (facebook) في شبكة الإنترنت تحت الرابط:
وحاتم الشريف من المنتسبين إلى الإخوان المفلسين مع رواسب صوفية دفينة، ونعرة قبلية مشينة، يحملها في قلبه لا تخفى على من لديه أدنى نظرٍ عندما يتأمل بعض منشوراته وتغريداته! بخلاف ما ينقل من بعض طلابه من فقراء المكيين! وما ينقلوا عنه من العجائب!
وقد سبق أن كتبت أكثر من مقال تعقباً عليه في مواطن عدة ، وجميعها في مدونتي:
أولها(كشف المكر والتزييف في الموقف من دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب في كلام حاتم الشريف).
والثاني: (الدفاع عن السلفية ودعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب).
والثالث: عنوانه: (حاتم العوني .. المولود الجديد بعد تلاقح الفقه المنكوس والليبرالية الشمطاء!) وما فيه من ميوعة الدين، ولين الاتباع!
وغيرها من الردود، وكلها تكشف حقيقة توجه الرجل المشار إليه، وهذا يكفي في كشف توجه هذا الرجل، وفي مقاله ومن تأمل المقال يلحظ أن حاتم الشريف يخاطب السلفية! خطاب المناوئ المفاصل الذي يتكلم في طرفٍ وهم في طرف! فهو يتكلم عن أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، المعظمين لها، الناشرين لمعالمها! وهو ما عليه عامة أهل هذه البلاد، وإن اختلف الآخرون في توجهاتهم وكلهم مع اختلافهم يرون صحة عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة السلفية ويعظمونهم! ويجمعون على ضلال الفرق المخالفة كالصوفية والأشاعرة ونحوهم.
وقسم الكاتب السلفية إلى ثلاثة أقسام:
الأول: من سماهم بالجامية.
والثاني: من وصفهم بالسلفية الحركيين! وهم من يسمون اليوم بـ(السرورية).
والثالث: وصفهم بالسلفية الجهادية! وهم من يسمون بـ(التكفيريين).
فقال: (فالجامية يبدعون من سواهم، كما هو معلوم، ولا يرقبون في مخالفيهم حرمة عرض ولا دين: ولا اكتفوا بتبديع المخالفين لهم؛ إلا لأن البدعة عندهم تكاد تكون أخطر من الكفر.
والسلفيون الحركيون يقولون عن الجامية: (هم خوارج مع الدعاة، مرجئة مع الحكام).
ويسمونهم بالجامية والربيعية والخلوف، نبزا وإخراجا من السلفية ، حتى إنهم انتقدوا وصفي لهم بغلاة السلفية، إمعانا في التبرؤ منهم، وهرب بعضهم من هذا الوصف الصحيح لهم، وهو أنهم (غلاة السلفية) ، فوصفهم بـ(غلاة الطاعة) ، يقصد غلوهم في طاعة الحكام ، وهذا إمعان في التبرؤ من سلفيين آخرين ، فهو يزيد من المشكلة ، ولا يحلها.
والسلفية المسماة بالجهادية: يتعاطف الحركيون معهم في الباطن، ويتبرؤون منهم في الظاهر) انتهى كلامه.
التعليق:
كل من هذه الفرق! في زعمه يقول بأن السلفية الحقة هي دينه وطريقته، وغاية الكاتب الوصول إلى نتيجة يريدها نص عليها في آخر مقاله فقال: (فهل جاء اليوم الذي يرجعون فيه إلى أنفسهم ليحددوا فيه من هو السلفي والسني؟ لأنهم لو فعلوا ذلك: إما أن يتضح تحزبهم على غير أساس من فقه ودين، وإما أن يتضح لهم أنهم ليسوا أولى بالسلف والسنة من جماعات أخرى عديدة كانوا يخرجونهم من أهل السنة ظلما!!).
فيريد أن يصل بخصومه! – وليس خصومه إلا أهل الدعوة السلفية- إلى أنَّه بسبب ما حصل من خلاف بينكم! -وأنتم كلكم على مشرب واحدٍ- إما أن تكتشفوا أنكم تفرقتم بغير سبب! وإما أن تفتحوا المجال لدخول غيركم معكم في العراك للتنافس في هذه النسبة المرموقة! وهي الانتساب إلى السلف!
وكل من المقدمة والنتيجة فاسد:
أما فساد المقدمة:
فليس الخلاف بين من ذكر في أمورٍ اجتهادية وإن كانوا يتفقون على نفس التوجه والانتماء في الأصل، وهو ما يلحن بذكره الشريف: دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
فمجرد الانتماء لا يعني سلامة الطريقة، وقد انتمى خلق إلى من هو أجل من الإمام محمد بن عبدالوهاب واختلفوا عليه وكل منهم يزعم أن الحق معه، وأنه أصدق اتباعاً لإمامهم، كما يحصل في أتباع الأئمة، بل كما يحصل في أتباع الرسل! فزعم كل من اليهود والنصارى أن دينهم دين إبراهيم عليه السلام فأنزل الله تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
وزعمت السحرة أن السحر دين سليمان عليه السلام وأنهم ورثوه منه! فقال تعالى: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ).
فلا غرابة أن يأتي من ينتسب إلى الإمام محمد بن عبدالوهاب وقد أساء الفهم لكلامه، وزل عند بعض متشابهه، كما يزل كثير من من ذوي الفهوم والعلوم عند متشابه كلام الحق سبحانه وتعالى فكيف بكلام البشر المعرّض للخطأ والتقصير وسوء التعبير!
ومن سبر الخلاف بين من سمّى هذا الكاتب! يجد أن الحجة فيه والمحتكم إلى الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح، ثم يُعرض على ذلك كله كلام الجميع -بما فيهم الإمام محمد بن عبدالوهاب- ثم يُنظر من الصادق في الاتباع من الكاذب، وهذا سهل! ولكن تعقده الأهواء والدعاوى!
تنبيه:
وليتفطن القارئ الكريم إلى أن الكاتب المفتون سمى الفرقة! الأولى (الجامية!) ولم يذكر اسماً للأخريين، مع أن الفرقة الثانية تنتسب تصريحا وتلميحاً إلى (محمد سرور وسيد قطب!) والفرقة الثالثة إلى (تنظيم!! القاعدة!) ولا يوجد فيمن سماهم بالجامية! ينتسب للجامي ولا يعزو مذهبه إليه، بل ولا يعتمد كتبه ولا مؤلفاته ولا أشرطته مع قلتها، كما يعتمد الآخرون مؤلفات من نسبوا إليه ورموزهم!
فأي كذب وتبديل للحقائق هذا الكذب؟
وتسمية السلفيين بالجامية فرية حزبية معهودة متكررة تشربها قلب هذا الكاتب المفتون! وقد نقضها غير واحد بما هو مشهور من كلام العلماء المعاصرين، ولي في ذلك مصنف مفرد، والشيخ الجامي لم يخالف سنة، ولم يأتِ بجديد، ولم ينسب إليه أحد، ولم ينتسب إليه أحد غير أبناء صلبه!
والكاتب مطالب –من ضمن المطالبات- بإثبات هذه النسبة، ولعنة الله على الكاذبين!
أما فساد النتيجة:
فإن العراك والتخاصم في صدق الانتساب إلى الإسلام وأهل السنة والسلف موجود، وكلٌ من الطوائف المنحرفة المنتسبة للإسلام تنسب طريقتها إلى طريقة السلف حتى زنادقة الليبرالية المتمسلمة اليوم ينسبونه إلحادهم إلى القرآن والسنة وعمل السلف بمتشابه الأدلة.
فالصراع على الانتساب موجود، ولكنه في حقيقة الحال عند عامة أهل الضلال صراع وقتي لذر الرماد في العيون، فلا يكاد يوجد صاحب بدعة يكثر من نشر مذهب السلف ومآثرهم ومؤلفاتهم ويوصي به، ويكثر النقل منها، ويعظمهم ويثني عليهم، ويرى أن طريقتهم أسلم وأعلم وأحكم! بل هم في حقيقة الحال إنما يتخذون هذا الاسم الشريف! (زخرفاً) يلبسون على الناس به دينهم ليطمئنوا إليهم، وعند تقرير بدعهم وضلالاتهم، وفي غالب أحوالهم، لا يلتفتون إلى طريقة السلف ومنهجهم وآثارهم وأخبارهم! بل ربما رفضوها وحاربوها وحرموا النظر في موروثاتهم! بل ربما زعموا بأن طريقتهم (أعلم وأحكم) من طريقة السلف!
ولا يتجهون إلى هذا الاسم الشريف، والطريقة المباركة، والجيل العظيم، إلا عندما يجدون في متشابه النقول والأصول ما يقوي بدعتهم! ولهذا يراهن! هذا الكاتب إن كان يحب السلف ويحن إليهم! بأن يشرح أمهات السنة، وكتب العقائد الأثرية كالشريعة للآجري، والإبانة لابن بطة، والسنة للالكائي، وقبلها: الرد على الجهمية للإمام أحمد، والرد على الجهمية لأبي حاتم الرازي، وخلق أفعال العباد للبخاري، والرد على المريسي للدارمي، وغير ذلك.
فمن يعظم هذه الكتب، وينشرها، ويقتفي ما فيه من الحق المبين، والحجج الواضحة فهو السلفي حقاً ولو عاش في شعبٍ من شعاب تهامة!
أما من غره هندامه! وفتنه منصبه! وتاه بنسبه! وخدع بما أتاه الله من علم! ثم لا يرى معظماً لهذه الكتب ناشراً لها، حاثا عليها، فهو أبعد الناس عن منهج السلف الصالح جزماً.
وفي ختام هذه الأسطر العاجلة يوجه النداء إلى هذا الكاتب المفتون! بسؤال لطيف:
لماذا سيلك حدور على أهل التوحيد والسنة دوماً ولم نجد لك كلاماً بآخره!! في الصوفية والليبرالية والرافضة على وجه الخصوص؟!
الجواب منه منتظر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
الثلاثاء 17 شوال 1433

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني