من المختارات لكم (99): بين السعودية وإيران

بين السعودية و إيران
{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28]
فرقٌ بين
السلام السعودي والإرهاب الإيراني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
من انطلاق الثورة الصفوية الخمينية قبل أربعين سنة تقريباً، والمشروع السبأي الصفوي الخميني يعبث بالعالم في طوله وعرضه، وخاصة الوطن العربي، وأخصه دول الخليج، وأخص ذلك كله المملكة العربية السعودية، فسلكوا كلّ مسلك أعوج، وكل منهج أهوج، واستخدموا شتى فنون المكر والخيانة، بالغدر والتفجير، والمظاهرات والثورات، والقتل والاغتيالات، وحملات الإعدام، وجاءوا مجيء إبليس للمسلمين {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: 17] وجاءوا بالشبهات والشهوات، وسربوا إلى أبناء المسلمين المخدرات والمسكرات، ودعموا قنوات الرذيلة، والأفلام الهابطة، ومن رام أن يجمع مصنفاً شاهداً على التاريخ تحت عنوان : "نيران إيران" أو "جرائم إيران" لوجد مادة ضخمة من صنوف الجرائم والفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي والديني فوق ذلك كلّه، وما دخلوا بلاداً إلا وأفسدوا فيها وجعلوا أهلها شِيَعا، حتى أعاد التاريخ نفسه مع الروافض الأنجاس الأرجاس، فكلّ كذبة تُدار اليوم منبعها من فيِّ إيراني رافضي بغيض، وكلّ خرافة مصدرها من حوزاتهم ومصانع ضلالاتهم، وكلّ تخريبٍ وتنظيم فاسد يفسد في بلاد المسلمين تخرجت كتائبه من إيران، ولذا هي الحاضنة اليوم لكل دينٍ إلا دين الله الإسلام، لا تقبله، ولا تريد شعائره، ولا ترعى مساجد أهله، ولا تنطق بلسان إمامهم ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فهم ضد الإسلام في كلّ شيء، قلباً وقالباً، اسماً ومعنىً، فعندما تتكلم إيران عن السلام فهي على سُنن فرعون الذي يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29] {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
فكلام إيران عن السلام، ورعاية حقوق الإسلام هو ككلام السفاح عن عصمة الدماء، والبَغِيِّ عن الشرف، والله مخرج أضغانهم.
برهان الشمس لا يغطيه طرف رداء، ولا ركام من دخان، فالحق دامغ ، وحجة الله بالغة، والعالم يشهد، أن إيران الرافضية الصفوية هي:
أم الخبائث، ومصدِّرَة الإرهاب، وحاضنة التخريب، وبريد التحريش والعداوة والبغضاء بين المسلمين، ونافذة إعداء الإسلام إلى ديار المسلمين، ففتحت أبوابها لكّل من حمل كيداً وغلاً على الإسلام، وآوته ونصرته كما آوت وناصرت زعماء تنظيم القاعدة وداعش وأمثالها، وسكبت أموال الفقراء المسلوبة مكراً وخديعة بطاغوت الخُمس على المناوئين للحكومات العربية والخليجية في أوروبا وغيرها، واشترت بها ذِمَماً لا تعد ولا تحصى في الداخل والخارج!
فمن الغبي الجاهل الذي يريدنا أن نضع المملكة العربية السعودية في كفة ميزان مع إيران؟ {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28].
ما قادت السعودية تنظيماً تخريبياً في دولة أخرى، ولا دعمت عملية إرهابية، ولا أضرّت بسفارة، ولا أحرقت دوراً، ولا هدمت قصوراً، ولا سعت باغتيالات غادرة، وسارت في حفظ الله ورعايته والكلاب تنبح.
المملكة العربية السعودية هي بلد الإسلام والسلام الأول، وما من دولة كواها الإرهاب كالمملكة العربية السعودية وهي صابرة صامدة، تحاربه بحكمة وحلم، ورعت السلام ومكافحة الإرهاب في المحافل المحلية والإقليمية والعالمية.
تفرح بانتشار الإسلام والسلام، وتنكر كلّ خراب وتدمير، وتدعم كلّ بلد إسلامي، وتمد أيادي العون لكل من استنجد بها بمواقفها الجبارة بين الدول الكبرى في العالم.
لم تقبل الثورات، ولم توقد شرارتها، بل كان ولاتها (حكامٌ وعلماء) هم غذاء الفكر العالمي في تحريم وتجريم الثورات، وإبداء مساويها، وبيان مخاطرها، وباتت دولٌ عدة بأمان بسبب المواقف السعودية، ودفعت السعودية ضريبة ذلك بالعمليات الإرهابية من الغادرين الماكرين الذين أحبطت السعودية مساعيهم.
فتحت أبوابها لكل من دان بالإسلام والسلام، وناصرت الدول المظلومة بكافة ما بيدها من قدرات سياسية وعسكرية، فما الثمان العجاف في العراق عن الأذهان ببعيد، وما حرب الكويت والعدوان العراقي عن الذهن بغائب، والعهد قريب بموقف السعودية المشرّف في البحرين واليمن ومصر وسوريا وكافة بلاد العالم الإسلام.
فهل تساوى السعودية بإيران؟
السعودية بذلت الغالي والنفيس في إصلاح دور جوارها، وإيران أفسدت في جاراتها العراق وأفغانستان وبلاد القوقاز وإقليم كردستان قبل أن يتجاوز إفسادها إلى سوريا ولبنان وتونس واليمن وجزر القمر ونيجيريا وماليزيا وأندونيسيا.
هي تهدم وتفسد، والسعودية تعمر وتبني، تلك الدولة التي سخرها الله لإبطال كيد إيران وإطفاء نيرانها، وإفساد مخططاتها و{إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } [يونس: 81].
ماذا صنعت الأحزاب العميلة الإيرانية في العراق والكويت والبحرين وسوريا ولبنان واليمن؟
أكان للسعودية أحزاب في تلك الدول؟ أو تنظيمات إرهابية مرعية؟
فالمقارنة بين دنس قُمّ ونقاء أم القرى، كالمقارنة بين الثريا والثرى:
ألم تر أن السيــف يـنـقــص قدره           إذا قيل أن السيف أمضى من العصا
أنصف المملكة العربية السعودية: الشيعة السعوديين، ولم تظلمهم مثقال ذرة من حقوقهم الدنيوية، بل وبعض الحقوق الدينية! ما عدا شعائر الكفر الظاهرة، وعلامات الضلال التي تصادم الإسلام الذي قامت عليه سياستها.
فكان منهم كوادر سعودية في شتى الجهات العلمية والعملية، وكفلت لهم كامل حقوق المواطنة.
فهل يجد هذا بل وعُشر هذا: السني البلوشي والأحوازي في إيران؟
فهل يستويان مثلا، السعودية وإيران؟!
لا يستوي الصدق والادعاء، والبينة والزيف، ومن يرعى الإرهاب لن يقف ضدّه، وها هي مواقف السعودية المشرفة من الإرهابيين على كل نطاق، بدءً من سياستها الداخلية إلى التعاون الأمني مع الدول الشقيقة والصديقة والحليفة، إلى التحالف الإسلامي الضخم في محاربة الإرهاب، والذي نكصت إيران على عقبيها لما رأته!
وأول علامات الصدق في مكافحة الإرهاب، وحسم مادته: استئصال شأفة الإرهابيين المفسدين في الأرض، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية! فأقيم الحكم الشرعي بحق 47 إرهابياً جريمتهم الإرهاب والإفساد لا غير، فمن سالمنا سالمناه، ومن رفع للخبث والإفساد رأسه، فالسيف يثني هامته، ويستأصل شأفته، ويقطع مكره وذكره.
إن الهبة الربانية باليقظة السعودية ودول الخليج للمكر الإيراني، وقيامهم لصدّ كل مكائدهم، أصابت إيران في مقتل، فجرها ينزف، ومع زيادة النزيف يتزايد الألم، فيزيد الطيش والحماقة، والتصرفات الهمجية، بما في ذلك: إحراق السفارة السعودية في إيران، وهي فارقة أتت بعد عشرات بل مئات الفوارق! فلم تصنع السعودية ولا الشعب السعودي مثل ذلك مع السفارة الإيرانية مع أول شرارات مكرها وإفسادها في البلاد، في مكة والخبر وغير ذلك، وكذلك مع جناياتها على أهل السنة من العلماء والعامة في إيران، قوبل ذلك بالحلم، ومراعاة العهود والعقود التي أمرنا الله بالوفاء بها، والمواثيق الدولة بالمعروف، فما أحرقوا ولا أتلفوا ولا أفسدوا، بل طرقوا كل ما يأمر به الشرع، ويقضي به العقل، ويرشد إليه الحلم والأناة.
فإيران عندما ثارت واحرقت وأفسدت بسبب قتل الإرهابي نمر النمر، لم يكن ذلك عطفاً على مظلوم، ولا نصرة لمضطهد! وإنما لطماً وندبةً على قطع أصبع من أصابع الإرهاب في السعودية، كما قطعته السعودية في مصر من قبل! وكما هو الآن يحزّ في اليمن، ويعصر في سورياً، ويربط في لبنان، ويكسر في تونس، فهذا هو سبب الألم والصراخ الإيراني الصفوي.
فالطيش الإيران، وتخبط دورها الدولي، وضمور نفوذها التخريبي في دول الخليج ثم في اليمن ومصر والمغرب العربي، هو بداية سقوط "طاغوت العصر" و"منبع الإرهاب" الغادر، وموعدهم الصبح، والصبح لناظره قريب، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
وكتب
بدر بن علي بن طامي العتيبي
24 ربيع الأول 1437هـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من المختارات لكم (130): نفي نسبة كتاب الحرف والصوت للنووي

من المختارات لكم (147): الرد على دعدوش وكلامه في صراع نجد والحجاز ومن يحق له امتلاك الحرمين

من المختارات لكم (45): وقفات مع عقيدة حاتم العوني